@ 279 @ الزمخشري . { إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } ، يدرك قول كل ضال ومهتد وفعله . .
والظاهر أن قوله : { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُواْ } ، أنه وقت البعث وقيام الساعة ، وكثيراً جاء : { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ } ، { لَوْ * تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ * رُؤُوسَهُمْ * عِندَ رَبّهِمْ } ، وكل ذلك في يوم القيامة ؛ وعبر بفزعوا ، وأخذوا ، وقالوا ؛ وحيل بلفظ الماضي لتحقق وقوعه بالخبر الصادق . وقال ابن عباس ، والضحاك : هذا في عذاب الدنيا . وقال الحسن : في الكفار عند خروجهم من القبور . وقال مجاهد : يوم القيامة . وقال ابن زيد ، والسدّي : في أهل بدر حين ضربت أعناقهم ، فلم يستطيعوا فراراً من العذاب ، ولا رجوعاً إلى التوبة . وقال ابن جبير ، وابن أبي أبزي : في جيش لغز والكعبة ، فيخسف بهم في بيداء من الأرض ، ولا ينجو إلا رجل من جهينة ، فيخبر الناس بما ناله ، قالوا ، وله قيل : .
وعند جهينة الخبر اليقين .
وروى في هذا المعنى حديث مطول عن حذيفة . وذكر الطبري أنه ضعيف السند ، مكذوب فيه على رواية ابن الجراح . وقال الزمخشري ، وعن ابن عباس : نزلت في خسف البيداء ، وذلك أن ثمانين ألفاً يغزون الكعبة ليخربوها ، فإذا دخلوا البيداء خسف بهم . وذكر في حديث حذيفة أنه تكون فتنة بين أهل المشرق والمغرب ، فبينما هم كذلك ، إذ خرج السفياني من الوادي اليابس في فوره ، ذلك حين ينزل دمشق ، فيبعث جيشاً إلى المدينة فينتهبونها ثلاثة أيام ، ثم يخرجون إلى مكة فيأتيهم جبريل ، عليه السلام ، فيضربها ، أي الأرض ، برجله ضربة ، فيخسف الله بهم في بيداء من الأرض ، ولا ينجو إلا رجل من جهينة ، فيخبر الناس بما ناله ، فذلك قوله : { فَلاَ فَوْتَ } ، ولا يتفلت منهم إلا رجلان من جهينة ، ولذلك جرى المثل : ( وعند جهينة الخبر اليقين ) ، اسم أحدهما بشير ، يبشر أهل مكة ، والآخر نذير ، ينقلب بخبر السفياني . وقيل : لا ينقلب إلا رجل واحد يسمى ناجية من جهينة ، ينقلب وجهه إلى قفاه . ومفعول ترى محذوف ، أي ولو ترى الكفار إذ فزعوا فلا فوت ، أي لا يفوتون الله ، ولا يهرب لهم عنما يريد بهم . وقال الحسن : فلا فوت من صيحة النشور ، وأخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها . انتهى . أو من الموقف إلى النار إذا بعثوا ، أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا ، أو من صحراء بدر إلى القليب ، أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم ، وهذه أقوال مبنية على تلك الأقوال السابقة في عود الضمير في فزعوا . ووصف المكان بالقرب من حيث قدرة الله عليهم ، فحيث ما كانوا هو قريب . .
وقرأ الجمهور : { فَلاَ فَوْتَ } ، مبني على الفتح ، { وَأُخِذُواْ } : فعلاً ماضياً ، والظاهر عطفه على { فَزِعُواْ } ، وقيل : على { فَلاَ فَوْتَ } ، لأن معناه فلا يفوتوا وأخذوا . وقرأ عبد الرحمن مولى بني هاشم عن أبيه ، وطلحة ؛ فلا فوت ، وأخذ مصدرين منونين . وقرأ أبي : فلا فوت مبنياً ، وأخذ مصدراً منوناً ، ومن رفع وأخذ فخبر مبتدأ ، أي وحالهما أخذ أو مبتدأ ، أي وهناك أخذ . وقال الزمخشري : وقرىء : وأخذ ، وهو معطوف على محل فلا فوت ، ومعناه : فلا فوت هناك ، وهناك أخذ . انتهى . كأنه يقول : لا فوت مجموع لا ، والمبني معها في موضع مبتدأ ، وخبره هناك ، فكذلك وأخذ مبتدأ ، وخبره هناك ، فهو من عطف الجمل ، وإن كانت إحداهما تضمنت النفي والأخرى تضمنت الإيجاب . والضمير في به عائد على الله ، قاله مجاهد ، أي يقولون ذلك عندما يرون العذاب . وقال الحسن : على البعث . وقال مقاتل : على القرآن . وقيل : على العذاب . وقال الزمخشري وغيره : على الرسول ، لمرور ذكره في قوله : { مَا بِصَاحِبِكُمْ مّن جِنَّةٍ } . { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ } ، قال ابن عباس : التناوش : الرجوع إلى الدنيا ، وأنشد ابن الأنباري : % ( تمنى أن تؤوب إليّ مي % .
وليس إلى تناوشها سبيل .
) % .
.
أي : تتمنى ، وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون ، وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت ، كما ينفع المؤمنين إيمانهم في