@ 347 @ مررت بالقوم إلاّ زيد على الصفة لا على البدل . .
{ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ } الآية فيها تحريض على القتال المأذون فيه قبل ، وأنه تعالى أجرى العاد بذلك في الأمم الماضية بأن ينتظم به الأمر وتقوم الشرائع وتصان المتعبدات من الهدم وأهلها من القتل والشتات ، وكأنه لما قال { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ } قيل : فليقاتل المؤمنون ، فلولا القتال لتغلب على الحق في كل أمة وانظر إلى مجيء قوله { وَلَوْلاَ * دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ } لفسدت الأرض إثر قتال طالوت لجالوت ، وقتل داود جالوت . وأخبر تعالى أنه لولا ذلك الدفع فسدت الأرض فكذلك هنا . .
وقال عليّ بن أبي طالب : ولولا دفع الله بأصحاب محمد الكفار عن التابعين فمن بعدهم ، وأخذ الزمخشري قول عليّ وحسنه وذيل عليه فقال : دفع الله بعض الناس ببعض إظهاره وتسليط المؤمنين منهم على الكافرين بالمجاهدة ، ولولا ذلك لاستولى المشركون على أهل الملل المختلفة في أزمنتهم وعلى متعبداتهم فهدموها ولم يتركوا للنصارى بيعاً ولا لرهبانهم صوامع ، ولا لليهود صلوات ، ولا للمسلمين مساجد ، ولغلب المشركون في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ) على المسلمين وعلى أهل الكتاب الذين في ذمتهم ، وهدموا متعبدات الفريقين انتهى . .
وقال مجاهد : { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ } ظلم قوم بشهادات العدول ونحو هذا . وقال قوم { دَفْعُ } ظلم الظلمة بعدل الولاة . وقالت فرقة { دَفْعُ } العذاب بدعاء الأخيار . وقال قطرب : بالقصاص عن النفوس . وقيل : بالنبيين عن المؤمنين . وقال الحسن : لولا أمان الإسلام لخربت متعبدات أهل الذمة ، ومعنى الدفع بالقتال أليق بالآية وأمكن في دفع الفساد . .
وقرأ الحرميان وأيوب وقتادة وطلحة وزائدة عن الأعمش والزعفراني { * فهدمت } مخففاً وباقي السبعة وجماعة مشددة لما كانت المواضع كثيرة ناسب مجيء التضعيف لكثرة المواضع فتكرر الهدم لتكثيرها . وقرأ الجمهور { اللَّهِ وَصَلَواتِ } جمع صلاة . وقرأ جعفر بن محمد { وَصَلَواتِ } بضم الصاد واللام . وحكى عنه ابن خالويه { صَلَواتٌ } بسكون اللام وكسر الصاد ، وحكيت عن الجحدري والجحدري { صَلَواتٌ } بضم الصاد وفتح اللام ، وحكيت عن الكلبي وأبي العالية بفتح الصاد وسكون اللام { صَلَواتٌ } والحجاج بن يوسف والجحدري أيضاً وصلوات وهي مساجد النصارى بضمتين من غير ألف ومجاهد كذلك إلا أنه بفتح التاء وألف بعدها والضحاك والكلبي وصلوث بضمتين من غير ألف وبثاء منقوطة بثلاث ، وجاء كذلك عن أبي رجاء والجحدري وأبي العالية ومجاهد كذلك إلاّ أنه بعد الثاء ألف . وقرأ عكرمة : وصلويثا بكسر الصاد وإسكان اللام وواو مكسورة بعدها ياء بعدها ثاء منقوطة بثلاث بعدها ألف ، والجحدري أيضاً { صَلَواتٌ } بضم الصاد وسكون اللام وواو مفتوحة بعدها ألف بعدها ثاء مثلثة النقط . وحكى ابن مجاهد أنه قرىء كذلك إلا أنه بكسر الصاد . وحكى ابن خالويه وابن عطية عن الحجاج والجحدري صلوب بالباء بواحدة على وزن كعوب جمع صليب كظريف وظروف ، وأسينة وأسون وهو جمع شاذ أعني جمع فعيل على فعول فهذه ثلاثة عشرة قراءة والتي بالثاء المثلثة النقط . .
قيل : هي مساجد اليهود هي بالسريانية مما دخل في كلام العرب . وقيل : عبرانية وينبغي أن تكون قراءة الجمهور يراد بها الصلوات المعهودة في الملل ، وأما غيرها مما تلاعبت فيه العرب بتحريف وتغيير فينظر ما مدلوله في اللسان الذي نقل منه فيفسر به . وروى هارون عن أبي عمرو { صَلَواتٌ } كقراءة الجماعة إلاّ أنه لا ينون التاء كأنه جعله اسم موضع كالمواضع التي قبله ، وكأنه علم فمنعه الصرف للعلمية والعجمة وكملت القراءات بهذه أربع عشرة قراءة والأظهر في تعداد هذه المواضع أن ذلك بحسب معتقدات الأمم فالصوامع للرهبان . وقيل : للصابئين ، والبيع للنصارى ، والصلوات لليهود ، والمساجد للمسلمين وقاله خصيف . قال ابن عطية : والأظهر أنه قصد بها المبالغة في ذكر المتعبدات ، وهذه الأسماء تشترك الأمم في مسمياتها إلاّ البيعة فإنها مختصة بالنصارى في عرف لغة ومعاني هذه الأسماء هي في الأمم التي لهم كتاب على قديم الدهر ، ولم يذكر في هذه الآية المجوس ولا أهل الإشراك لأنّ هؤلاء ليس لهم ما يوجب حمايته ولا يوجد ذكر الله إلاّ عند أهل الشرائع