@ 348 @ انتهى . .
والظاهر عود الضمير في قوله { يُذْكَرُ فِيهَا } على المواضع كلها جميعها وقاله الكلبي ومقاتل ، فيكون { يُذْكَرِ } صفة للمساجد وإذا حملنا الصلوات على الأفعال التي يصليها أهل الشرائع كان ذلك إما على حذف مضاف أي ومواضع صلوات وإما على تضمين { لَّهُدّمَتْ } معنى عطلت فصار التعطيل قدراً مشتركاً بين المواضع والأفعال ، وتأخير المساجد إما لأجل قدم تلك وحدوث هذه ، وإما لانتقال من شريف إلى أشرف . وأقسم تعالى على أنه تنصر من ينصر أي ينصر دينه وأولياءه ، ونصره تعالى هو أن يظفر أولياءه بأعدائهم جلاداً وجدالاً وفي ذلك حض على القتال . ثم أخبر تعالى أنه قوي على نصرهم { عَزِيزٌ } لا يغالب . .
والظاهر أنه يجوز في إعراب { الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الاْرْضِ } ما جاز في إعراب { الَّذِينَ أُخْرِجُواْ } وقال الزجاج : هو منصوب بدل ممن ينصره ، والتمكين السلطنة ونفاذ الأمر على الخلق ، والظاهر أنه من وصف المأذون لهم في القتال وهم المهاجرون ، وفيه إخبار بالغيب عما يكون عليه سيرتهم إن مكن لهم في الأرض وبسط لهم في الدنيا ، وكيف يقومون بأمر الدين . وعن عثمان رضي الله عنه : هذا والله ثناء قبل بلاء ، يريد أن الله قد أثنى عليهم قبل أن يحدثوا من الخير ما أحدثوا ، وقالوا : فيه دليل على صحة أمر الخلفاء الراشدين لأن الله تعالى لم يجعل التمكن ونفاذ الأمر مع السيرة العادلة لغيرهم من المهاجرين لا حظ في ذلك للأنصار والطلقاء . وفي الآية أخذ العهد على من مكنه الله أن يفعل ما رتب على التمكين في الآية . وقيل : نزلت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ) . وعن الحسن وأب العالية : هم أمّته عليه السلام . وعن عكرمة : هم أهل الصلوات الخمس ، وهو قريب مما قبله . وقال ابن أبي نجيح : هم الولاة . وقال الضحاك : هو شرط شرطه الله من آناه الملك . .
وقال ابن عباس : المهاجرون والأنصار والتابعون { وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاْمُورِ } توعد للمخالف ما ترتب على التمكين { وَإِن يُكَذّبُوكَ } الآية فيها تسلية للرسول بتكذيب من سبق من الأمم المذكورة لأنبيائهم ، ووعيد لقريش إذ مثلهم بالأمم المكذبة المعذبة وأسند الفعل بعلامة التأنيث من حيث أراد الأمة والقبيلة ، وبنى الفعل للمفعول في { وَكُذّبَ مُوسَى } أن قومه لم يكذبوه وإنما كذبه القبط { فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ } أي أمهلت لهم وأخرت عنهم العذاب مع علمي بفعلهم ، وفي قوله { فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ } ترتيب الإملاء على وصف الكفر ، فكذلك قريش أملى تعالى لهم ثم أخذهم في غزوة بدر وفي فتح مكة وغيرهما ، والأخذ كناية عن العقاب والإهلاك ، النكير مصدر كالندير المراد به المصدر ، والمعنى فكيف كان إنكاري عليهم وتبديل حالهم الحسنة بالسيئة وحياتهم بالهلاك ومعمورهم بالخراب ؟ وهذا استفهام يصحبه معنى التعجب ، كأنه قيل : ما أشد ما كان إنكاري عليهم وفي الجملة إرهاب لقريش { فَكَأَيّن } للتكثير ، واحتمل أن يكون في موضع رفع على الابتداء وفي موضع نصب على الاشتغال . .
وقرأ أبو عمرو وجماعة أهلكها بتاء المتكلم ، والجمهور بنون العظمة { وَهِىَ ظَالِمَةٌ } جملة حالية { فَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا } تقدم تفسير هذه الجملة في البقرة في قوله { أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ } وقال الزمخشري : فإن قلت : ما محل الجملتين من الإعراب ؟ أعني { وَهِىَ ظَالِمَةٌ فَهِىَ خَاوِيَةٌ } قلت : الأولى في محل نصب على الحال ، والثانية لا محل لها لأنها معطوفة على { * هلكناها } وهذا الفعل ليس له محل انتهى . .
وهذا الذي قاله ليس بجيد لأن { نَكِيرِ فَكَأَيّن } الأجود في إعرابها أن تكون مبتدأة والخبر الجملة من قوله { أَهْلَكْنَاهَا } فهي في موضع رفع والمعطوف على الخبر خبر ، فيكون قوله { فَهِىَ خَاوِيَةٌ } في موضع رفع ، لكن يتجه قول الزّمخشري على الوجه القليل وهو إعراب { فَكَأَيّن } منصوباً بإضمار فعل على الاشتغال ، فتكون الجملة من قوله { * وأهلكناها } مفسرة لذلك الفعل ، وعلى هذا لا محل لهذه الجملة المفسرة فالمعطوف عليها لا محل له . .
وقرأ الجحدري والحسن وجماعة { وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ } مخففاً يقال : عطلت البئر وأعطلتها فعطلت ، هي بفتح الطاء ، وعطلت المرأة من الحليّ بكسر الطاء . قال الزمخشري : ومعنى المعطلة أنها عامرة فيها الماء ومعها آلات الاستقاء إلاّ أنها عطلت أي تركت لا يستقى منها لهلاك أهلها ، والمشيد المجصص أو المرفوع البنيان والمعنى كم قرية أهلكنا ، وكم بئر عطلنا عن سقاتها و { وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } أخليناه عن ساكنيه ، فترك ذلك