@ 292 @ أبدانهم ولا أحد يمنعهم من العذاب { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً } أي تفجؤهم . قال ابن عطية { بَلِ * تَأْتِهِم } استدراك مقدر قبله نفي تقديره إن الآيات لا تأتي بحسب اقتراحهم انتهى . والظاهر أن الضمير في { تَأْتِيَهُمُ } عائد على النار . وقيل : على الساعة التي تصبرهم إلى العذاب . وقيل : على العقوبة . وقال الزمخشري : في عود الضمير إلى النار أو إلى الوعد لأنه في معنى النار وهي التي وعدوها ، أو على تأويل العدة والموعدة أو إلى الحين لأنه في معنى الساعة أو إلى البعثة انتهى . .
وقرأ الأعمش بل يأتيهم بالياء بغتة بفتح الغين فيبهتهم بالياء والضمير عائد إلى الوعد أو الحين قاله الزمخشري . وقال أبو الفضل الرازي : لعله جعل النار بمعنى العذاب فذكر ثم رد ردّها إلى ظاهر اللفظ { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي يؤخرون عما حل بهم ، ولما تقدم قوله { إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً } سلاه تعالى بأن من تقدمه من الرسل وقع من أممهم الاستهزاء بهم ، وأن ثمرة استهزائهم جنوها هلاكاً وعقاباً في الدنيا والآخرة ، فكذلك حال هؤلاء المستهزئين . وتقدم تفسير مثل هذه الآية في الأنعام . .
ثم أمره تعالى أن يسألهم من الذي يحفظكم في أوقاتكم من بأس الله أي لا أحد يحفظكم منه ، وهو استفهام تقريع وتوبيخ . وفي آخر الكلام تقدير محذوف كأنه ليس لهم مانع ولا كالىء ، وعلى هذا النفي تركيب بل في قوله { بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبّهِمْ مُّعْرِضُونَ } قاله ابن عطية . وقال الزمخشري : بل هم معرضون عن ذكره لا يخطرونه ببالهم فضلاً أن يخافوا بأسه حتى إذا رزقوا الكلاءة منه عرفوا من الكالىء وصلحوا للسؤال عنه ، والمراد أنه أمر رسوله بسؤالهم عن الكالىء ثم بيّن أنهم لا يصلحون لذلك لإعراضهم عن ذكر من يكلؤهم انتهى . وقرأ أبو جعفر والزهري وشيبة : يكلُوكم بضمة خفيفة من غير همز . وحكى الكسائي والفراء يكلَوكم بفتح اللام وإسكان الواو . .
{ أَمْ لَهُمْ الِهَةٌ } بمعنى بل ، والهمزة كأنه قيل بل ألهم آلهة فأضرب ثم استفهم { تَمْنَعُهُمْ } من العذاب . وقال الحوفي { مّن دُونِنَا } متعلق بتمنعهم انتهى . قيل : والمعنى ألهم آلهة تجعلهم في منعة وعز من أن ينالهم مكروه من جهتنا . وقال ابن عباس : في الكلام تقديم وتأخير ، تقديره أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم تقول : منعت دونه كففت أذاه فمن دوننا هو من صلة { ءالِهَةً } أي أم لهم آلهة دوننا أو من صلة { تَمْنَعُهُمْ } أي { أَمْ لَهُمْ } مانع من سوانا . ثم استأنف الإخبار عن آلهتهم فبيَّن أن ما ليس بقادر على نصر نفسه ومنعها ولا بمصحوب من الله بالنصر والتأييد كيف يمنع غيره وينصره ؟ وقال ابن عباس { يُصْحَبُونَ } يمنعون . وقال مجاهد : ينصرون . وقال قتادة : لا يصحبون من الله بخير . وقال الشاعر : % ( ينادي بأعلى صوته متعوذا % .
ليصحب منا والرماح دوان .
) % .
وقال مجاهد : يحفظون . وقال السدّي : لا يصحبهم من الملائكة من يدفع عنهم ، والظاهر عود الضمير في { وَلَّاهُمْ } على الأصنام وهو قول قتادة . وقيل : على الكفار وهو قول ابن عباس ، وفي التحرير مدار هذه الكلمة يعني { يُصْحَبُونَ } على معنيين أحدهما أنه من صحب يصحب ، والثاني من الإصحاب أصحب الرجل منعه من الآفات .