@ 291 @ بلغت الروح ركبتيه كاد يقوم فقال الله { خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } . وقال ابن زيد : خلقه الله يوم الجمعة على عجلة في خلقه . وقال الأخفش { مِنْ عَجَلٍ } لأن الله قال له كن فكان . وقال الحسن : { مِنْ عَجَلٍ } أي ضعيف يعني النطفة . وقيل : خلق بسرعة وتعجيل على غير تريب الآدميين من النطفة والعلقة والمضغة ، وهذا يرجع لقول الأخفش . وقيل : { مِنْ عَجَلٍ } من طين والعجل بلغة حمير الطين . وأنشد أبو عبيدة لبعض الحميريين : % ( النبع في الصخرة الصماء منبته % .
والنخل منبته في الماء والعجل .
) % .
وقيل : { الإِنسَانَ } هنا النضر بن الحارث والذي ينبغي أن تحمل الآية عليه هو القول الأول وهو الذي يناسب آخرها . والآيات هنا قيل : الهلاك المعجل في الدنيا والعذاب في الآخرة أي يأتيكم في وقته . وقيل : أدلة التوحيد وصدق الرسول . وقيل : آثار القرون الماضية بالشام واليمن ، والقول الأول أليق أي سيأتي ما يسؤوكم إذا دمتم على كفركم ، كأنه يريد يوم بدر وغيره في الدنيا وفي الآخرة . .
وقال الزمخشري : فإن قلت : لم نهاهم عن الاستعجال مع قوله { خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } وقوله { وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً } أليس هذا من تكليف ما لا يطاق ؟ قلت : هذا كما ركب فيه من الشهوة وأمره أن يغلبها لأنه أعطاه القدرة التي يستطيع بها قمع الشهوة وترك العجلة انتهى . وهو على طريق الاعتزال . .
وقرأ مجاهد وحميد وابن مقسم { خُلِقَ } مبنياً للفاعل { الإِنسَانَ } بالنصب أي { خُلِقَ } الله { الإِنسَانَ } وقوله { مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ } استفهام على جهة الهزء ، وكان المسلمون يتوعدونهم على لسان الشرع و { مَتَى } في موضع الجر لهذا فموضعه رفع ، ونقل عن بعض الكوفيين أن موضع { مَتَى } نصب على الظرف والعامل فيه فعل مقدر تقديره يكون أو يجيء ، وجواب { لَوْ } محذوف لدلالة الكلام عليه ، وحذفه أبلغ وأهيب من النص عليه فقدره ابن عطية لما استعجلوا ونحوه ، وقدره الزمخشري لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال . وقيل : لعلموا صحة البعث . وقيل : لعلموا صحة الموعود . وقال الحوفي : لسارعوا إلى الإيمان . وقال الكسائي : هو تنبيه على تحقيق وقوع الساعة وحين يراد به وقت الساعة يدل على ذلك ، بل تأتيهم بغتة انتهى . .
و { حِينٍ } قال الزمخشري : مفعول به ليعلم أي لو يعلمون الوقت الذي يستعجلون عنه بقولهم { مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ } وهو وقت صعب شديد تحيط بهم النار من وراء وقدام ، ولكن جهلهم به هو الذي هونه عندهم . قال : ويجوز أن يكون { يَعْلَمْ } متروكاً فلا تعدية بمعنى { لَوْ } كان معهم علم ولم يكونوا جاهلين لما كانوا مستعجلين ، و { حِينٍ } منصوب بمضمر أي { حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ } يعلمون أنهم كانوا على الباطل ، وينتفي عنهم هذا الجهل العظيم أي لا يكفونها انتهى . والذي يظهر أن مفعول { يَعْلَمْ } محذوف لدلالة ما قبله أي لو يعلم الذين كفروا مجيء الموعود الذي سألوا عنه واستنبطوه . و { حِينٍ } منصوب بالمفعول الذي هو مجيء ويجوز أن يكون من باب الإعمال على حذف مضاف ، وأعمل الثاني والمعنى لو يعلمون مباشرة النار حين لا يكفونها عن وجوههم ، وذكر الوجوه لأنها أشرف ما في الإنسان وعجل حواسه ، والإنسان أحرص على الدفاع عنه من غيره من أعضائه ، ثم عطف عليها الظهور والمراد عموم النار لجميع