@ 293 @ .
{ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاء وَءابَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِى الاْرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ قُلْ } : . ( سقط : قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ، ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين ، ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ، ولقد ءآتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ، الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون ، وهذا ذكر مبارك أنزلناه فهل أنتم له منكرون ) .
{ هَؤُلاء } إشارة إلى المخاطبين قبل وهم كفار قريش ، ومن اتخذ آلهة من دون الله أخبر تعالى أنه متع { هَؤُلاء } الكفار { وَءابَاءهُمْ } من قبلهم بما رزقهم من حطام الدنيا حتى طالت أعمارهم في رخاء ونعمة ، وتدعسوا في الضلالة بإمهاله تعالى إياهم وتأخيرهم إلى الوقت الذي يأخذهم فيه { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِى الاْرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ } تقدم تفسير هذه الجملة في آخر الرعد . واقتصر الزمخشري من تلك الأقوال على معنى أنّا ننقص أرض الكفر ودار الحرب ونحذف أطرافها بتسليط المسلمين عليها وإظهارهم على أهلها وردها دار إسلام قال : فإن قلت : أي فائدة في قوله { نَأْتِى الاْرْضَ } ؟ قلت : الفائدة فيه تصوير ما كان الله يجريه على أيدي المسلمين ، وأن عساكرهم وسراياهم كانت تغزو أرض المشركين وتأتيها غالبة عليها ناقصة من أطرافها انتهى . وفي ذلك تبشير للمؤمنين بما يفتح الله عليهم ، وأكثر المفسرين على أنها نزلت في كفار مكة وفي قولهم : { أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ } دليل على ذلك إذ المعنى أنهم هم الغالبون ، فهو استفهام فيه تقريع وتوبيخ حيث لم يعتبروا بما يجري عليهم . .
ثم أمره تعالى أن يقول { إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْىِ } أي أعلمكم بما تخافون منه بوحي من الله لا من تلقاء نفسي ، وما كان من جهة الله فهو الصدق الواقع لا محالة كما رأيتم بالعيان من نقصان الأرض من أطرافها ، ثم أخبر أنهم مع إنذارهم معرضون عما أنذروا به فالإنذار لا يجدي فيهم إذ هم صم عن سماعه ، ولما كان الوحي من المسموعات كان ذكر الصمم مناسباً و { الصُّمُّ } هم المنذرون ، فأل فيه للعهد وناب الظاهر مناب المضمر لأن فيه التصريح بتصامهم وسد أسماعهم إذا أنذروا ، ولم يكن الضمير ليفيد هذا المعنى ونفي السماع هنا نفي جدواه . .
وقرأ الجمهور { يَسْمَعُ } بفتح الياء والميم { الصُّمُّ } رفع به و { الدُّعَاء } نصب . وقرأ ابن عامر وابن جبير عن أبي عمرو وابن الصلت عن حفص بالتاء من فوق مضمومة وكسر الميم { الصُّمُّ الدُّعَاء } بنصبهما والفاعل ضمير المخاطب وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ) . وقرأ كذلك إلا أنه بالياء من نحت أي { وَلاَ يَسْمَعُ } الرسول وعنه أيضاً { وَلاَ يَسْمَعُ } مبنياً للمفعول { الصُّمُّ } رفع به ذكره ابن خالويه . وقرأ أحمد بن جبير الأنطاكي عن اليزيدي عن أبي عمرو { يَسْمَعُ } بضم الياء وكسر الميم { الصُّمُّ } نصباً { الدُّعَاء } رفعاً بيسمع ، أسند الفعل إلى الدعاء اتساعاً والمفعول الثاني