@ 483 @ شيء قبل القبلة من نبت وشجر ، ولذلك كان الصالحون يستحبون الصلاة في ذلك الوقت . وقال مجاهد : إنما تسجد الظلال دون الأشخاص ، وعنه أيضاً إذا زالت الشمس سجد كل شيء . وقال الحسن : أما ظللك فيسجد لله ، وأما أنت فلا تسجد له . وقيل : لما كانت الظلال ملصقة بالأرض واقعة عليها على هيئة الساجد وصفت بالسجود ، وكون السجود يراد به الحقيقة وهو الوقوع على الأرض على سبيل العبادة وقصدها يبعد ، إذ يستدعي ذلك الحياة والعلم والقصد بالعبادة . وخصّ الظل بالذكر لأنه سريع التغير ، والتغير يقتضي مغيراً غيره ومدبراً له ، ولما كان سجود الظلال في غاية الظهور بدىء به ، ثم انتقل إلى سجود ما في السموات والأرض . ومن دابة : يجوز أن يكون بياناً لما في الظرفين ، ويكون مَن في السموات خلق يدبون . ويجوز أن يكون بياناً لما في الأرض ، ولهذا قال ابن عباس : يريد كل ما دب على الأرض . وعطف والملائكة على ما في السموات وما في الأرض ، وهم مندرجون في عموم ما تشريفاً لهم وتكريماً ، ويجوز أن يراد بهم الحفظة التي في الأرض ، وبما في السموات ملائكتهنّ ، فلم يدخلوا في العموم . وقيل : بين تعالى في آية الظلال أن الجمادات بأسرها منقادة لله ، بين أنّ أشرف الموجودات وهم الملائكة ، وأخسها وهي الدواب منقادة له تعالى ، ودل ذلك على أن الجميع منقاد لله تعالى . وقيل : الدابة اسم لكل حيوان جسماني يتحرك ويدب ، فلما ميز الله تعالى الملائكة عن الدابة ، علمنا أنها ليست مما يدب ، بل هي أرواح مختصة بحركة انتهى . وهو قول فلسفي . ولما كان بين المكلفين وغيرهم قدر مشترك في السجود وهو الانقياد لإرادة الله ، جمع بينهما فيه وإن اختلفا في كيفية السجود . .
وقال الزمخشري : فإن قلت : فهلا جيء بمن دون ما تغليباً للعقلاء من الدواب على غيرهم ؟ قلت : لأنه لو جيء بمن لم يكن فيه دليل على التغليب ، فكان متناولاً للعقلاء خاصة ، فجيء بما هو صالح للعقلاء وغيرهم إرادة العموم انتهى . وظاهر السؤال تسليم أنّ من قد تشمل العقلاء وغيرهم على جهة التغليب ، وظاهر الجواب تخصيص من بالعقلاء ، وأنّ الصالح للعقلاء وغيرهم ما دون من ، وهذا ليس بجواب ، لأنه أورد السؤال على التسليم ، ثم ذكر الجواب على غير التسليم فصار المعنى : أن من يغلب بها ، والجواب لا يغلب بها ، وهذا في الحقيقة ليس بجواب ، والظاهر أنّ الضمير في قوله : يخافون ، عائد على المنسوب إليهم السجود . في ولله يسجد ، وقاله أبو سليمان الدمشقي . وقال ابن السائب ومقاتل : يخافون من صفة الملائكة خاصة ، فيعود الضمير عليهم . وقال الكرماني : والملائكة موصوفون بالخوف ، لأنهم قادرون على العصيان وإن كانوا لا يعصون . والفوقية المكانية مستحيلة بالنسبة إليه تعالى ، فإن علقته بيخافون كان على حذف مضاف أي : يخافون عذابه كائناً من فوقهم ، لأن العذاب إنما ينزل من فوق ، وإن علقته بربهم كان حالاً منه أي : يخافون ربهم عالياً لهم قاهراً لقوله : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } وفي نسبة الخوف لمن نسب إليه السجود أو الملائكة خاصة دليل على تكليف الملائكة كسائر المكلفين ، وأنهم بين الخوف والرجاء مدارون على الوعد والوعيد كما قال تعالى : { وَهُمْ مّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } ومن يقل منهم : إنه إله من دونه ، فذلك نجزيه جهنم . وقيل : الخوف خوف جلال ومهابة . والجملة من يخافون يجوز أن تكون حالاً من الضمير في من لا يستكبرون ، ويجوز أن تكون بياناً لنفي الاستكبار وتأكيداً له ، لأن من خاف الله لم يستكبر عن عبادته . وقوله : ويفعلون ما يؤمرون ، أما المؤمنون فبحسب الشرع والطاعة ، وأما غيرهم من الحيوان فبالتسخير والقدر الذي يسوقهم إلى ما نفذ من أمر الله تعالى . .
2 ( { وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلاهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلاهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَلَهُ مَا فِى الْسَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ * وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْألُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالاٍّ نْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ * لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاٌّ خِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الاٌّ عْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلاكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ * تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَِّنُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِى اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ الاٌّ رْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَإِنَّ لَكُمْ فِى الاٌّ نْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ * وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالاٌّ عْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِى مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِى مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَىْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ * وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِى الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّى رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ * وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ * فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الاٌّ مْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ) ) 2 .
وصب الشيء دام ، قال أبو الأسود الدؤلي : % ( لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه % .
يوماً بذمّ الدهر أجمع واصبا .
) %