@ 482 @ بصيغة الجمع . وقال الكرماني يحتمل أن يراد بالشمائل الشمال والقدام والخلف ، لأنّ الظل يفيء من الجهات كلها فبدىء باليمين لأن ابتداء التفيؤ منها ، أو تيمناً بذكرها ، ثم جمع الباقي على لفظ الشمال لما بين اليمين والشمال من التضاد ، وتنزل القدام والخلف منزلة الشمال لما بينهما وبين اليمين من الخلاف . وقيل : وحد اليمين وجمع الشمائل ، لأن الابتداء عن اليمين ، ثم ينقبض شيئاً فشيئاً حالاً بعد حال ، فهو بمعنى الجمع ، فصدق على كل حال لفظة الشمال ، فتعدد بتعدد الحالات . وقال ابن عطية : وما قال بعض الناس من أن اليمين أول وقعة للظل بعد الزوال ، ثم الآخر إلى الغروب هي عن الشمائل ، وأفرد اليمين فتخليط من القول ومبطل من جهات . وقال ابن عباس : إذا صليت الفجر كان ما بين مطلع الشمس إلى مغربها ظلاً ، ثم بعث الله عليه الشمس دليلاً فقبض إليه الظل ، فعلى هذا تأول دورة الشمس بالظل عن يمين مستقبل الجنوب ، ثم يبدأ الانحراف فهو من الشمائل ، لأنه حركات كثيرة وظلال منقطعة ، فهي شمائل كثيرة ، فكان الظل عن اليمين متصلاً واحداً عاماً لكل شيء انتهى . وقال شيخنا الأستاذ أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الكتامي المعروف بانب الصائغ : أفرد وجمع بالنظر إلى الغايتين ، لأنّ ظل الغداة يضمحل حتى لا يبقى منه إلا اليسير فكأنه في جهة واحدة ، وهو بالعشي على العكس لاستيلائه على جميع الجهات ، فلحظت الغايتان في الآية : هذا من جهة المعنى ، وفيه من جهة اللفظ المطابقة ، لأنّ سجداً جمع فطابقه جمع الشمائل لاتصاله به ، فحصل في الآية مطابقة اللفظ للمعنى ، ولحظهما معاً وتلك الغاية في الإعجاز انتهى . والظاهر حمل الظلال على حقيقتها ، وعلى ذلك وقع كلام أكثر المفسرين وقالوا : إذا طلعت الشمس وأنت متوجه إلى القبلة كان الظل قدامك ، فإذا ارتفعت كان على يمينك ، فإذا كان بعد ذلك كان خلفك فإذا أرادت الغروب كان على يسارك . وقالت فرقة : الظلال هنا الأشخاص وهي المرادة نفسها ، والعرب تخبر أحياناً عن الأشخاص بالظلال . ومنه قول عبدة بن الطبيب : % ( إذا نزلنا نصبنا ظل أخبية % .
وفار للقوم باللحم المراجيل .
) % .
وإنما تنصب الأخبية ، ومنه قول الشاعر : % ( تتبع أفياء الظلال عيشة % .
أي : أفياء الأشخاص . قال ابن عطية : وهذا كله محتمل غير صريح ، وإن كان أبو علي قرره انتهى . .
والظاهر أن السجود هنا عبارة عن الانقياد ، وجريانها على ما أراد الله من ميلان تلك الظلال ودورانها كما يقال للمشير برأسه إلى الأرض على جهة الخضوع : ساجد . قال الزمخشري : سجداً حال من الظلال ، وهم داخرون حال من الضمير في ظلاله ، لأنه في معنى الجمع ، وهو ما خلق الله من شيء له ظل . وجمع بالواو لأنّ الدخور من أوصاف العقلاء ، أو لأن في جملة ذلك من يعقل فغلب ، والمعنى : أنّ الظلال منقادة لله غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من التفيؤ والأجرام في أنفسها . ذاخرة أيضاً صاغرة منقادة لأفعال الله فيها لا تمتنع انتهى . فغاير الزمخشري بين الحالين ، جعل سجداً حالاً من الظلال ، ووهم داخرون حالاً من الضمير في سجداً ، وأن يكون حالاً ثانية من الظلال كما تقول : جاء زيد راكباً وهو ضاحك ، فيجوز أن يكون وهو ضاحك حالاً من الضمير في راكباً ، ويجوز أن يكون حالاً من زيد ، وهذا الثاني عندي أظهر ، والعامل في الحالين هو تتفيؤ ، وعن متعلقة به ، وقاله الحوفي . وقيل : في موضع الحال ، وقاله أبو البقاء . وقيل : عن اسم أي : جانب اليمين ، فيكون إذ ذاك منصوباً على الظرف . وأما ما أجازه الزمخشري من أن قوله : وهم داخرون ، حال من الضمير في ظلاله ، فعلى مذهب الجمهور لا يجوز ، وهي مسألة جاءني غلام هند ضاحكة ، ومن ذهب إلى أنه إذا كان المضاف جزءاً أو كالجزء جاز ، وقد يخبر هنا ويقول : الظلال وإن لم تكن جزءاً من الأجرام فهي كالجزء ، لأن وجودها ناشىء عن وجودها . وذهبت فرقة إلى أن السجود هنا حقيقة . قال الضحاك : إذا زالت الشمس سجد كل