@ 464 @ أقواتهم وأقواتها من الزرع ، وما عطف عليه فذكر منها الأغلب ، ثم عمم بقوله : ومن كل الثمرات ، ثم أتبع ذلك بخلق الليل الذي هو سكن لهم ، والنهار الذي هو معاش ، ثم بالنيرين اللذين جعلهما الله تعالى مؤثرين بإرادته في إصلاح ما يحتاجون إليه ، ثم بما ذرأ في الأرض . .
والظاهر أنّ لكم ، في موضع الصفة لماء ، فيتعلق بمحذوف ، ويرتفع شراب به أي : ماء كائناً لكم منه شراب . ويجوز أن يتعلق بانزل ، ويجوز أن يكون استئنافاً ، وشراب مبتدأ . لما ذكر إنزال الماء أخذ في تقسيمه . والشراب هو المشروب ، والتبعيض في منه ظاهر ، وأما في منه شجر فمجاز ، لما كان الشجر إنباته على سقيه بالماء جعل الشجر من الماء كما قال : أسنمة الآبال في ربابه ، أي في سحاب المطر . وقال ابن الأنباري : هو على حذف المضاف ، إما قبل الضمير أي : ومن جهته ، أو سقيه شجر ، وإما قبل شجر أي : شرب شجر كقوله { وَأُشْرِبُواْ فِى قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ } أي حبه . والشجر هنا كل ما تنبته الأرض قاله الزجاج . وقال : نطعمها اللحم إذا عز الشجر ، فسمى الكلأ شجراً . وقال ابن قتيبة : الشجر هنا الكلأ ، وفي حديث عكرمة : ( لا تأكلوا الشجر فإنه سحت ) يعني الكلأ . .
ويقال : أسام الماشية وسومها جعلها ترعى ، وسامت بنفسها فهي سائمة وسوام رعت حيث شاءت ، قال الزجاج : من السومة ، وهي العلامة ، لأنها تؤثر في الأرض علامات . وقرأ زيد بن علي : تسيمون بفتح التاء ، فإن سمع متعدياً كان هو وأسام بمعنى واحد ، وإن كان لازماً فتأويله على حذف مضاف تسيمون أي : تسيم مواشيكم لما ذكر ، ومنه شجر . أخذ في ذكر غالب ما ينتفع به من الشجر إنْ كان المراد من قوله : ومنه شجر العموم ، وإن كان المراد الكلأ فهو استئناف إخبار منافع الماء . ويقال : نبت الشيء وأنبته الله فهو منبوت ، وهذا قياسه منبت . وقيل : يقال أنبت الشجر لازماً . وأنشد الفراء : % ( رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم % .
قطينا بهم حتى إذا أنبت البقل أي نبت . وكان الأصمعي يأبى أنبت بمعنى نبت . وقرأ أبو بكر : ننبت بنون العظمة . وقرأ الزهري : ننبت بالتشديد قيل : للتكثير والتكرير ، والذي يظهر أنه تضعيف التعدية . وقرأ أبيّ : ينبت من نبت ورفع الزرع وما عطف عليه . وخص الأربعة بالذكر لأنها أشرف ما ينبت ، وأجمعه للمنافع . وبدأ بالزرع لأنه قوت أكثر العالم ، ثم بالزيتون لما فيه من فائدة الاستصباح بدهنه ، وهي ضرورية مع منفعة أكله والائتدام به وبدهنه ، والاطلاء بدهنه ، ثم بالنخل لأنّ ثمرته من أطيب الفواكه وقوت في بعض البلاد ، ثم بالأعناب لأنها فاكهة محضة ثم قال : ومن كل الثمرات ، أتى بلفظ مِن التي للتبعيض ، لأنّ كل الثمرات لا تكون إلا في الجنة ، وإنما أنبت في الأرض بعض من كلها للتذكرة . ولما ذكر الحيوانات المنتفع بها على التفصيل أعقبه بقوله : ويخلق ما لا تعلمون ، كذلك هنا ذكر الأنواع المنتفع بها من النبات ، ثم قال :