@ 463 @ اللفظ . فقيل : مفرد المدلول ، وأل فيه للعهد ، وهي سبيل الشرع ، وليست للجنس ، إذ لو كانت له لم يكن منها جائز . والمعنى : وعلى الله تبين طريق الهدى ، وذلك بنصب الأدلة وبعثة الرسل . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون المعنى : إنّ من سلك الطريق القاصد فعلى الله رحمته ونعيمه وطريقه ، وإلى ذلك مصيره . وعلى أنّ للعهد يكون الضمير في قوله : ومنها جائز ، عائد على السبيل التي يتضمنها معنى الآية ، كأنه قيل : ومن السبيل جائر ، فأعاد عليها وإن لم يجر لها ذكر ، لأنّ مقابلها يدل عليها . قال ابن عطية : ويحتمل أن يعود منها على سبيل الشرع ، وتكون مِن للتبعيض ، والمراد : فرق الضلالة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ) . كأنه قال : ومن بنيات الطرق في هذه السبيل ، ومن شعبها . وقيل : أل في السبيل للجنس ، وانقسمت إلى مصدر وهو طريق الحق ، وإلى جائر وهو طريق الباطل ، والجائر العادل عن الاستقامة والهداية كما قال : .
يجور بها الملاح طوراً ويهتدي .
وكما قال الآخر : % ( ومن الطريقة جائر وهدى % .
قصد السبيل ومنه ذو دخل .
) % .
قسم الطريقة : إلى جائر ، وإلى هدى ، وإلى ذي دخل وهو الفساد . وقال الزمخشري : ومعنى قوله : وعلى الله قصد السبيل إنّ هداية الطريق الموصل إلى الحق واجبة عليه لقوله : { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى } ( فإن قلت ) : لم غير أسلوب الكلام في قوله : ومنها جائر ؟ ( قلت ) : ليعلم بما يجوز إضافته إليه من السبيلين وما لا يجوز ، ولو كان كما تزعم المجبرة لقيل : وعلى الله قصد السبيل ، وعليه جائرها ، أو وعليه الجائر . وقرأ عبد الله : ومنكم جائر يعني ومنكم جائر عن القصد بسواء اختياره ، والله بريء منه . ولو شاء لهداكم أجمعين قسراً والجاء انتهى . وهو تفسير على طريقة الاعتزال . وقيل : الضمير في ومنها يعود على الخلائق أي : ومن الخلائق جائر عن الحق . ويؤيده قراءة عيسى : ومنكم جائر ، وكذا هي في مصحف عبد الله ، وقراءة علي : فمنكم جائر بالفاء . قال ابن عباس : هم أهل الملل المختلفة . وقيل : اليهود والنصارى والمجوس . ولهداكم : لخلق فيكم الهداية ، فلم يضل أحد منكم ، وهي مشيئة الاختيار . وقال الزجاج : لفرض عليكم آية تضطركم إلى الاهتداء والإيمان . قال ابن عطية : وهذا قول سوء لأهل البدع الذين يرون أن الله لا يخلق أفعال العباد ، لم يحصله الزجاج ، ووقع فيه رحمة الله من غير قصد انتهى . ولم يعرف ابن عطية أنّ الزجاج معتزلي ، فلذلك تأول أنه لم يحصله ، وأنه وقع فيه من غير قصد . وقال أبو علي : لو شاء لهداكم إلى الثواب ، أو إلى الجنة بغير استحقاق . وقال ابن زيد : لو شاء لمحض قصد السبيل دون الجائر . ومفعول شاء محذوف لدلالة لهداكم أي : ولو شاء هدايتكم . .
{ هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاء مَآء لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالاعْنَابَ وَمِن كُلّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِى الاْرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } : مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما امتن بإيجادهم بعد العدم وإيجاد ما ينتفعون به من الأنعام وغيرها من الركوب ، ذكر ما امتن به عليهم من إنزال الماء الذي هو قوام حياتهم وحياة الحيوان ، وما يتولد عنه من