@ 233 @ وعمارات حراصاً عليها أشد الحرص ، فكانوا أحوج شيء إلى الماء ، وكانوا مدلين بما أوتوا من هذه القوة والبطش والبأس مهيئين في كل ناحية . وقيل : أراد القوة في المال ، وقيل : في النكاح . قيل : وحبس عنهم المطر ثلاث سنين ، وعقمت أرحام نسائهم . وقد انتزع الحسن بن علي رضي الله عنه من هذا ومن قوله : ويمددكم بأموال وبنين ، أن كثرة الاستغفار قد يجعله الله سبباً لكثرة الولد . وأجاب من سأله وأخبره أنه ذو مال ولا يولد له بالاستغفار ، فأكثر من ذلك فولد له عشر سنين . وروى أبو صالح عن ابن عباس في قوله : ويزدكم قوة إلى قوتكم ، أنه الولد وولد الولد . وقال مجاهد وابن زيد : في الجسم والبأس ، وقال الضحاك : خصباً إلى خصبكم ، وقيل : نعمة إلى نعمته الأولى عليكم ، وقيل : قوة في إيمانكم إلى قوة في أبدانكم . .
{ قَالُواْ يأَبَانَا * هُودٍ * مَا جِئْتَنَا بِبَيّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِىءالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ ءالِهَتِنَا بِسُوء قَالَ إِنِى أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنّى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنّى تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبّى وَرَبّكُمْ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبّى عَلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ * فَإِن } : ببينة أو بحجة واضحة تدل على صدقك ، وقد كذبوا في ذلك وبهتوه كما كذبت قريش في قولهم : { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مّن رَّبّهِ } وقد جاءهم بآيات كثيرة ، أو لعمائهم عن الحق وعدم نظرهم في الآيات اعتقدوا ما هو آية ليس بآية فقالوا : ما جئتنا ببينة تلجئنا إلى الإيمان ، وإلا فهود وغيره من الأنبياء لهم معجزات وإن لم يعين لنا بعضها . ألا ترى إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : { مَّا مِن * نَّبِىٍّ إِلا * وَقَدْ * أُوتِيَ * مِنَ الاْيَاتِ مَا * مّثْلِهِ * مِن * عَلَيْهِ * الْبَشَرِ } وعن في عن قولك حال من الضمير في تاركي آلهتنا ، كأنه قيل : صادرين عن قولك ، قاله الزمخشري . وقيل : عن للتعليل كقوله تعالى : { إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ } فتتعلق بتاركي ، كأنه قيل لقولك ، وقد أشار إلى التعليل والسبب فيها ابن عطية ، فقال : أي لا يكون قولك سبباً لتركنا ، إذ هو مجرد عن آية ، والجملة بعدها تأكيد وتقنيط له من دخولهم في دينه ، ثم نسبوا ما صدر منه من دعائهم إلى الله وإفراده بالألوهية إلى الخبل والجنون ، وأن ذلك مما اعتراه به بعض آلهتهم لكونه سبها وحرض على تركها ودعا إلى ترك عبادتها ، فجعلته يتكلم مكافأة بما يتكلم به المجانين ، كما قالت قريش : معلم مجنون { أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } واعتراك جملة محكية بنقول ، فهي في موضع المفعول ، ودلت على بله شديد وجهل مفرط ، حيث اعتقدوا في حجارة أنها تنتصر وتنتقم . وقول هود لهم في جواب ذلك : إني أشهد الله إلى آخره ، حيث تبرأ من آلهتهم ، وحرضهم كلهم مع انفراده وحده على كيده بما يشاؤون ، وعدم تأخره من أعظم الآيات على صدقه وثقته بموعود ربه من النصر له ، والتأييد والعصمة من أن ينالوه بمكروه ، هذا وهم حريصون على قتله يرمونه عن قوس واحدة . ومثله قول نوح لقومه : { ثُمَّ * اقْضُواْ إِلَىَّ وَلاَ تُنظِرُونَ } وأكد براءته من آلهتهم وشركهم ، ووفقها بما جرت عليه عادة الناس من توثيقهم الأمر بشهادة الله وشهادة العباد . .
قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : هلا قيل : إني أشهد الله وأشهدكم ( قلت ) : لأنّ إشهاد الله على البراءة من الشرك إشهاد صحيح ثابت في معنى تثبيت التوحيد ، وأما إشهادهم فما هو إلا تهاون بدينهم ودلالة على قلة المبالاة بهم فحسب ، فعدل به عن لفظ الأول لاختلاف ما بينهما ، وجيء به على لفظ الأمر بالشهادة انتهى . وإني بريء تنازع فيه أشهد واشهدوا ، وقد يتنازع المختلفان في التعدي الاسم الذي يكون صالحاً ، لأن يعملا فيه تقول أعطيت زيداً ووهبت لعمرو ديناراً ، كما يتنازع اللازم والمتعدي نحو : قام وضربت زيداً . وما في ما تشركون موصولة ، إما مصدرية ، وإما بمعنى الذي أي : بريء من إشراككم آلهة من دونه ، أو