@ 173 @ أولياء الله هم الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة . وقد فسر ذلك في قوله : { الَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } وعن سعيد بن جبير : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) سئل عن أولياء الله فقال : { هُمُ الَّذِينَ * يَذْكُرُونَ اللَّهَ } يعني السمت والهيئة . وعن ابن عباس : الإخبات والسكينة . وقيل : هم المتحابون في الله . قال ابن عطية : وهذه الآية يعطي ظاهرها أن من آمن واتقى فهو داخل في أولياء الله ، وهذا هو الذي تقتضيه الشريعة في الولي ، وإنما نبهنا هذا التنبيه حذراً من مذهب الصوفية وبعض الملحدين في الولي انتهى . وإنما قال : حذراً من مذهب الصوفية ، لأن بعضهم نقل عنه أنّ الولي أفضل من النبي ، وهذا لا يكاد يخطر في قلب مسلم . ولابن العربي الطائي كلام في الولي وفي غيره نعوذ بالله منه . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال : ( إنّ من عباد الله عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله ) قالوا : يا رسول الله ومن هم ؟ قال : ( قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إنّ وجوههم لتنور ، وإنهم لعلى منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس ، ثم قرأ : ألا إن أولياء الله ) الآية وتقدم تفسير لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين يحتمل أن يكون منصوباً على الصفة قاله الزمخشري ، أو على البدل قاله ابن عطية ، أو بإضمار أمدح ، ومرفوعاً على إضمارهم ، أو على الابتداء ، والخبر لهم البشرى . وأجاز الكوفيون رفعه على موضع أولياء نعتاً ، أو بدلاً ، وأجيز فيه الخبر بدلاً من ضمير عليهم . وفي قوله : وكانوا يتقون ، إشعار بمصاحبتهم للتقوى مدة حياتهم ، فحالهم في المستقبل كحالهم في الماضي . وبشراهم في الحياة الدنيا تظاهرت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ( أنها الرؤيا الصالحة يراها المؤمن ) أو ( ترى له ) فسرها بذلك وقد سئل . وعنه في صحيح مسلم : ( لم يبق من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة ) وقال قتادة والضحاك : هي ما يبشر به المؤمن عند موته وهو حي عند المعاينة . وقيل : هي محبة الناس له ، والذكر الحسن . وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) عن الرجل يعمل العمل لله ويحبه الناس : فقال : ( تلك عاجل بشرى المؤمن ) وعن عطاء : لهم البشرى عند الموت تأتيهم الملائكة بالرحمة . قال تعالى : { اسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَئِكَةُ } الآية قال ابن عطية : ويصح أن تكون بشرى الدنيا في القرآن من الآيات المبشرات ، ويقوي ذلك قوله في هذه الآية : لا تبديل لكلمات الله ، وإن كان ذلك كله يعارضه قول النبي صلى الله عليه وسلم ) : ( هي الرؤيا ) إلا إن قلنا : إنّ النبي صلى الله عليه وسلم ) أعطى مثالاً من البشرى وهي تعم جميع البشر . وبشراهم في الآخرة تلقى الملائكة إياهم مسلمين مبشرين بالنور والكرامة ، وما يرون من بياض وجوههم ، وإعطاء الصحف بأيمانهم ، وما يقرؤون منها ، وغير ذلك من البشارات . لا تبديل لكلمات الله ، لا تغيير لأقواله ، ولا خلف في مواعيده كقوله : { مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ } والظاهر أنّ ذلك إشارة إلى التبشير والبشرى في معناه . قال الزمخشري : وذلك إشارة إلى كونهم مبشرين في الدارين . وقال ابن عطية : إشارة إلى النعيم الذي وقعت به البشرى . .
{ وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * أَلا إِنَّ للَّهِ مَن فِى * السَّمَاوَاتِ * وَمَنْ فِى الاْرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } :