@ 174 @ إما أن يكون قولهم أريد به بعض أفراده وهو التكذيب والتهديد وما يتشاورون به في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، فيكون من إطلاق العام وأريد به الخاص . وإما أن يكون مما حذفت منه الصفة المخصصة أي : قولهم الدال على تكذيبك ومعاندتك ، ثم استأنف بقوله : إنّ العزة لله جميعاً أي : لا عزة لهم ولا منعة ، فهم لا يقدرون لك على شيء ولا يؤذونك ، إن الغلبة والقهر لله ، وهو القادر على الانتقام منهم ، فلا يعازه شيء ولا يغالبه . وكأنّ قائلاً قال : لم لا يحزنه قولهم وهو مما يحزن ؟ فقيل : إنّ العزة لله جميعاً ، ليس لهم منها شيء . وقرأ أبو حيوة : أنّ العزة بفتح الهمزة وليس معمولاً لقولهم : لأن ذلك لا يحزن الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، إذ هو قول حق . وخرجت هذه القراءة على التعليل أي : لا يقع منك حزن لما يقولون ، لأجل أنّ العزة لله جميعاً . ووجهت أيضاً على أن يكون إنّ العزة بدل من قولهم ولا يظهر هذا التوجيه . .
قال الزمخشري : ومن جعله بدلاً من قولهم ثم أنكره ، فالمنكر هو تخريجه لا ما أنكره من القرآن . وقال القاضي : فتحها شاذ يقارب الكفر ، وإذا كسرت كان استئنافاً ، وهذا يدل على فضيلة علم الإعراب . وقال ابن قتيبة : لا يجوز فتح إن في هذا الموضع وهو كفر وغلو ، وإنما قال القاضي وابن قتيبة بناء منهما على أن أن معمولة لقولهم ، وقد ذكرنا توجيه ذلك على التعليل وهو توجيه صحيح . هو السميع لما يقولون ، العليم لما يريدون . .
وفي هذه الآية تأمين للرسول صلى الله عليه وسلم ) من إضرار الكفار ، وأن الله تعالى يديه عليهم وينصره . { كَتَبَ اللَّهُ لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا } وقال الأصم : كانوا يتعززون بكثرة خدمهم وأموالهم ، فأخبر أنه قادر على أن يسلب منهم ملك الأشياء ، وأن ينصرك وينقل إليك أموالهم وديارهم انتهى . ولا تضاد بين قوله : إن العزة لله جميعاً ، وقوله : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } لأكن عزتهم إنما هي بالله ، فهي كلها لله . { أَلا إِنَّ للَّهِ مَن فِى * السَّمَاوَاتِ * وَمَن فِى الاْرْضِ } وما يبتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون } . .
المناسبة ظاهرة في هذه الآية لما ذكرأن العزة له تعالى وهي القهر والغلبة ، ذكر ما يناسب القهر وهو كون المخلوقات ملكاً له تعالى ، ومن الأصل فيها أن تكون للعقلاء ، وهنا هي شاملة لهم ولغيرهم على حكم التغليب ، وحيث جيء بما كان تغليباً للكثرة إذ أكثر المخلوقات لا تعقل . وقال الزمخشري : يعني العقلاء المميزين وهم الملائكة والثقلان ، وإنما خصهم ليؤذن أنّ هؤلاء إذا كانوا له في ملكه فهم عبيد كلهم ، لا يصلح أحد منهم للربوبية ، ولا أن يكون شريكاً فيها ، فما دونهم مما لا يعقل أحق أن لا يكون نداً وشريكاً . ويدل على أنّ من اتخذ غيره رباً من ملك أو إنسي فضلاً عن صنم أو غير ذلك ، فهو مبطل تابع لما أدّى إليه التقليد وترك النظر . والظاهر أنّ ما نافية ، وشركاء مفعول يتبع ، ومفعول يدعون محذوف لفهم المعنى تقديره : آلهة أو شركاء أي : أنّ الذين جعلوهم آلهة وأشركوهم مع الله في الربوبية ليسوا شركاء حقيقة ، إذ الشركة في الألوهية مستحيلة ، وإن كانوا قد أطلقوا عليهم اسم الشركاء . وجوزوا أن تكون ما استفهامية في موضع نصب بيتبع ، وشركاء منصوب بيدعون أي : وأي شيء يتبع على تحقير المتبع ، كأنه قيل : من يدعو شريكاً لله لا يتبع شيئاً . وأجاز الزمخشري أن تكون ما موصولة عطفاً على من ، والعائد محذوف أي : والذي يتبعه الذين يدعون من دون الله شركاء أي : وله شركاؤهم . وأجاز غيره أن تكون ما موصولة في موضع رفع على الابتداء ، والخبر محذوف تقديره : والذي يتبعه المشركون باطل . وقرأ السلمي : تدعون بالتاء على الخطاب . قال ابن عطية : وهي قراءة غير متجهة . وقال الزمخشري : وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه تدعون بالتاء ، ووجهه أن يحمل وما يتبع على الاستفهام أي : وأي شيء يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين ، يعني : أنهم يبتعون الله تعالى ويطيعونه ، فما لكم لا تفعلون مثل كقوله تعالى : { } . .
المناسبة ظاهرة في هذه الآية لما ذكرأن العزة له تعالى وهي القهر والغلبة ، ذكر ما يناسب القهر وهو كون المخلوقات ملكاً له تعالى ، ومن الأصل فيها أن تكون للعقلاء ، وهنا هي شاملة لهم ولغيرهم على حكم التغليب ، وحيث جيء بما كان تغليباً للكثرة إذ أكثر المخلوقات لا تعقل . وقال الزمخشري : يعني العقلاء المميزين وهم الملائكة والثقلان ، وإنما خصهم ليؤذن أنّ هؤلاء إذا كانوا له في ملكه فهم عبيد كلهم ، لا يصلح أحد منهم للربوبية ، ولا أن يكون شريكاً فيها ، فما دونهم مما لا يعقل أحق أن لا يكون نداً وشريكاً . ويدل على أنّ من اتخذ غيره رباً من ملك أو إنسي فضلاً عن صنم أو غير ذلك ، فهو مبطل تابع لما أدّى إليه التقليد وترك النظر . والظاهر أنّ ما نافية ، وشركاء مفعول يتبع ، ومفعول يدعون محذوف لفهم المعنى تقديره : آلهة أو شركاء أي : أنّ الذين جعلوهم آلهة وأشركوهم مع الله في الربوبية ليسوا شركاء حقيقة ، إذ الشركة في الألوهية مستحيلة ، وإن كانوا قد أطلقوا عليهم اسم الشركاء . وجوزوا أن تكون ما استفهامية في موضع نصب بيتبع ، وشركاء منصوب بيدعون أي : وأي شيء يتبع على تحقير المتبع ، كأنه قيل : من يدعو شريكاً لله لا يتبع شيئاً . وأجاز الزمخشري أن تكون ما موصولة عطفاً على من ، والعائد محذوف أي : والذي يتبعه الذين يدعون من دون الله شركاء أي : وله شركاؤهم . وأجاز غيره أن تكون ما موصولة في موضع رفع على الابتداء ، والخبر محذوف تقديره : والذي يتبعه المشركون باطل . وقرأ السلمي : تدعون بالتاء على الخطاب . قال ابن عطية : وهي قراءة غير متجهة . وقال الزمخشري : وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه تدعون بالتاء ، ووجهه أن يحمل وما يتبع على الاستفهام أي : وأي شيء يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين ، يعني : أنهم يبتعون الله تعالى ويطيعونه ، فما لكم لا تفعلون مثل كقوله تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ } انتهى . وأنّ نافية أي : ما يتبعون إلا ظنهم أنهم شركاء . ويخرصون : يقدرون . ومن قرأ تدعون بالتاء كان