@ 172 @ ولا عملتم من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ أفضتم فيه . وإذ تخلص المضارع لمعنى الماضي ، ولما كان قوله : إلا كنا عليكم شهوداً فيه تحذير وتنبيه عدل عن خطابه صلى الله عليه وسلم ) إلى خطاب أمته بقوله : ولا تعملون من عمل ، وإن كان الله شهيداً على أعمال الخلق كلهم . وتفيضون : تخوضون ، أو تنشرون ، أو تدفعون ، أو تنهضون ، أو تأخذون ، أو تنقلون ، أو تتكلمون ، أو تسعون ، أقوال متقاربة ثم واجهه تعالى بالخطاب وحده في قوله : وما يعزب عن ربك ، تشريفاً له وتعظيماً . ولما ذكر شهادته تعالى على أعمال الخلق ناسب تقديم الأرض الذي هي محل المخاطبين على السماء ، بخلاف ما في سورة سبأ ، وإن كان الأكثر تقديمها على الأرض . .
وقرأ ابن وثاب ، والأعمش ، وابن مصرف ، والكسائي ، يعزب بكسر الزاي ، وكذا في سبأ . والمثقال اسم لا صفة ، ومعناه هنا وزن ذرة . والذر صغار النمل ، ولما كانت الذرة أصغر الحيوان المتناسل المشهور النوع عندنا جعلها الله مثالاً لأقل الأشياء وأحقرها ، إذ هي أحقر ما نشاهد . ثم قال : ولا أصغر من ذلك أي : من مثقال ذرة . ولما ذكر تعالى أنه لا يغيب عن علمه أدق الأشياء التي نشاهدها ، ناسب تقديم ولا أصغر من ذلك ، ثم أتى بقوله : ولا أكبر ، على سبيل إحاطة علمه بجميع الأشياء . ومعلوم أنّ من علم أدق الأشياء وأخفاها كان علمه متعلقاً بأكبر الأشياء وأظهرها . وقرأ الجمهور : لا أصغر من ذلك ولا أكبر بفتح الراء فيهما ، ووجه على أنه عطف على ذرة أو على مثقال على اللفظ . وقرأ حمزة وحده : برفع الراء فيهما ، ووجه على أنه عطف على موضع مثقال لأن من زائدة فهو مرفوع بيعزب ، هكذا وجهه الحوفي وابن عطية وأبو البقاء . وقال الزمخشري نابعاً لاختيار الزجاج : والوجه النصب على نفي الجنس ، والرفع على الابتداء ، يكون كلاماً مبتدأ . وفي العطف عل محل مثقال ذرة أو لفظه فتحاً في موضع الجر أشكال ، لأنّ قولك : لا يعزب عنه شيء إلا في كتاب مشكل انتهى . وإنما أشكل عنده ، لأنّ التقدير يصير إلا في كتاب فيعزب ، وهذا كلام لا يصح . وخرجه أبو البقاء على أنه استثناء منقطع تقديره : لكن هو في كتاب مبين ، ويزول بهذا التقدير الإشكال . وقال أبو عبد الله الرازي : أجاب بعض المحققين من وجهين : أحدهما : أنّ الاستثناء منقطع ، والآخر أنّ العزوب عبارة عن مطلق البعد ، والمخلوقات قسم أوجده الله ابتداء من غير واسطة كالملائكة والسموات والأرض ، وقسم أوجده بواسطة القسم الأول مثل الحوادث الحادثة في عالم الكون والفساد ، وهذا قد يتباعد في سلسلة العلية والمملوكية عن مرتبة وجود واجب الوجود ، فالمعنى : لا يبعد عن مرتبة وجوده مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء إلا وهو في كتاب مبين ، كتبه الله ، وأثبت صور تلك المعلومات فيها انتهى ، وفيه بعض تلخيص . وقال الجرجاني صاحب النظم : إلا بمعنى الواو أي : وهو في كتاب مبين . والعرب تضع إلاّ موضع واو النسق كقوله : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } إلا الذين ظلموا منهم } انتهى . وهذا قول ضعيف لم يثبت من لسان العرب وضع إلا موضع الواو ، وتقدم الكلام على قوله : { * } انتهى . وهذا قول ضعيف لم يثبت من لسان العرب وضع إلا موضع الواو ، وتقدم الكلام على قوله : { إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } وسيأتي على قوله : إلا من ظلم إن شاء الله تعالى . .
( { أَلاإِنَّ أَوْلِيَآءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيواةِ الدُّنْيَا وَفِى الاٌّ خِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذالِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * أَلاإِنَّ للَّهِ مَن فِى السَّمَاوَات وَمَنْ فِى الاٌّ رْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ * هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِى السَّمَاوَات وَمَا فِى الاٌّ رْضِ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَاذَآ أَتقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِى الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ * وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ياقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِى وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَىَّ وَلاَ تُنظِرُونَ * فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِى الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ * ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ } ) $ > 7 ! .
{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيواةِ الدُّنْيَا وَفِى الاْخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذالِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }