@ 154 @ وضيعته بالرفع ، ولا يجوز فيه النصب . وقال ابن عطية أيضاً : ويجوز أن يكون أنتم تأكيداً للضمير الذي في الفعل المقدر الذي هو قفوا أو نحوه انتهى . وهذا ليس بجيد ، إذ لو كان تأكيداً لذلك الضمير المتصل بالفعل لجاز تقديمه على الظرف ، إذ الظرف لم يتحمل ضميراً على هذا القول فيلزم تأخيره عنه ، وهو غير جائز لا تقول : أنت مكانك ، ولا يحفظ من كلامهم . والأصح أنْ لا يجوز حذف المؤكد في التأكيد المعنوي ، فكذلك هذا ، لأن التأكيد ينافي الحذف . وليس من كلامهم : أنت زيداً لمن رأيته قد شهر سيفاً ، وأنت تريد ضرب أنت زيد ، إنما كلام العرب زيداً تريد اضرب زيداً . .
يقال زلت الشيء عن مكانه أزيله . قال الفراء : تقول العرب : زلت الضأن من المعز فلم تزل . وقال الواحدي : التزييل والتزيل والمزايلة التمييز والتفرق انتهى . وزيل مضاعف للتكثير ، وهو لمفارقة الخبث وهن من ذوات الياء ، بخلاف زال يزول فمادتهما مختلفة . وزعم ابن قتيبة أن زيلنا من مادة زال يزول ، وتبعه أبو البقاء . وقال أبو البقاء : فزيلنا عين الكلمة وأو لأنه من زال يزول ، وإنما قلبت لأنّ وزن الكلمة فيعل أي : زيولنا مثل بيطر وبيقر ، فلما اجتعمت الواو والياء على الشرط المعروف قلبت ياء انتهى . وليس بجيد ، لأنّ فعل أكثر من فيعل ، ولأنّ مصدره تزييل . ولو كان فيعل لكان مصدره فيعله ، فكان يكون زيلة كبيطرة ، لأنّ فيعل ملحق بفعلل ، ولقولهم في قريب من معناه : زايل ، ولم يقولوا زاول بمعنى فارق ، إنما قالوه بمعنى حاول وخالط وشرح ، فزيلنا ففرقنا بينهم وقطعنا أقرانهم ، والوصل التي كانت بينهم في الدنيا ، أو فباعدنا بينهم بعد الجمع بينهم في الموقف وبين شركائهم كقوله تعالى : { أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا } وقرأت فرقة : فزايلنا حكاه الفراء . قال الزمخشري : كقولك صاعر خده ، ووصعر ، وكالمته وكلمته انتهى . يعني أن فاعلبمعنى فعل ، وزايل في لسان العرب بمعنى فارق . قال : % ( وقال العذارى إنما أنت عمنا % .
وكان الشباب كالخليط يزايله .
) % .
وقال آخر : % ( لعمري لموت لا عقوبة بعده % .
لذي البث أشفى من هوى لا يزايله .
) % .
والظاهر أن التزييل أو المزايلة هو بمفارقة الأجسام وتباعده . وقيل : فرقنا بينهم في الحجة والمذهب قاله ابن عطية ، وفزيلنا . وقال : هنا ماضيان لفظاً ، والمعنى : فنزيل بينهم ونقول : لأنهما معطوفان على مستقبل ، ونفي الشركاء عبادة المشركين هو رد لقولهم : إياكم كنا نعبد ، والمعنى : إنكم كنتم تعبدون من أمركم أن تتخذوا لله تعالى أنداداً فأطعتموهم ، ولما تنازعوا استشهد الشركاء بالله تعالى . وانتصب شهيداً ، قيل : على الحال ، والأصح على التمييز لقبوله مِن . وتقدم الكلام في كفى وفي الياء ، وأنْ هي الخفيفة من الثقيلة . وعند القراء هي النافية ، واللام بمعنى إلا ، وقد تقدم الكلام في ذلك . واكتفاؤهم بشهادة الله هو على انتفاء أنهم عبدوهم . ثم استأنفوا جملة خبرية أنهم كانوا غافلين عن عبادتهم أي : لا شعور لنا بذلك . وهذا يرجح أن الشركاء هي الأصنام كما قال ابن عطية ، لأنه لو كان الشركاء ممن يعقل من إنسي أو جني أو ملك لكان له شعور بعبادتهم ، ولا شيء أعظم سبباً للغفلة من الجمادية ، إذ لا تحس ولا تشعر بشيء البتة . .
{ هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } : هنالك ظرف مكان أي : في ذلك الموقف والمقام المقتضي للحيرة والدهش . وقيل : هو إشارة إلى