@ 153 @ وقيل : يعود الضمير على الذين كسبوا السيئات ، ومنهم عابد غير الله ، ومن لا يعبد شيئاً . وانتصب يوم على فعل محذوف أي : ذكرهم أو خوفهم ونحوه . وجميعاً حال ، والشركاء الشياطين أو الملائكة أو الأصنام أو من عبد من دون الله كائناً من كان أربعة أقوال . ومن قال : الأصنام ، قال : ينفخ فيها الروح فينطقها الله بذلك مكان الشفاعة التي علقوا بها أطماعهم . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ) : ( أن الكفار إذا رأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب قيل لهم : اتبعوا ما كنتم تعبدون ، فيقولون والله لإياكم كنا نعبد ، فتقول الآلهة : فكفى بالله شهيداً ) الآية . قال ابن عطية : فظاهر هذه الآية أنّ محاورتهم إنما هي مع الأصنام دون الملائكة وعيسى ابن مريم ، بدليل القول لهم : مكانكم أنتم وشركاؤكم ، ودون فرعون ومن عبد من الجن بدليل قولهم : إن كنا عن عبادتكم لغافلين . وهؤلاء لم يغفلوا قط عن عبادة من عبدهم . ومكانكم عده النحويون في أسماء الأفعال ، وقد ربا ثبتوا كما قال : % ( وقولي كلما جشأت وجاشت % .
مكانك تحمدي أو تستريحي .
) % .
أي اثبتي . ولكونها بمعنى اثبتي جزم تحمدي ، وتحملت ضميراً فأكد وعطف عليه في قوله : أنتم وشركاؤكم . والحركة التي في مكانك ودونك ، أهي حركة إعراب ، أو حركة بناء تبتني على الخلاف الذي بين النحويين في أسماء الأفعال ؟ ألها موضع من الإعراب أم لا ؟ فمن قال : هي في موضع نصب جعل الحركة إعراباً ، ومن قال : لا موضع لها من الإعراب جعلها حركة بناء . وعلى الأول عول الزمخشري فقال : مكانكم الزموا مكانكم لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل بكم . واختلفوا في أنتم ، فالظاهر ما ذكرناه من أنه تأكيد للضمير المستكن في مكانكم ، وشركاؤكم عطف على ذلك الضمير المستكن وهو قول الزمخشري قال : وأنتم أكّد به الضمير في مكانكم لسده مسد قوله : الزموا وشركاؤكم عطف عليه انتهى . يعني عطفاً على الضمير المستكن ، وتقديره : الزموا ، وأنّ مكانكم قام مقامه ، فيحمل الضمير الذي في الزموا ليس بجيد ، إذ لو كان كذلك لكان مكانك الذي هو اسم فعل يتعدى كما يتعدى الزموا . ألا ترى أن اسم الفعل إذا كان الفعل لازماً كان اسم الفعل لازماً ، وإذا كان متعدياً كان متعدياً مثال ذلك : عليك زيداً لما ناب مناب ، الزم تعدى . وإليك لما ناب مناب تنح ، لم يتعد . ولكون مكانك لا يتعدى ، قدره النحويون اثبت ، واثبت لا يتعدى . قال الحوفي : مكانكم نصب بإضمار فعل أي : الزموا مكانكم أو اثبتوا . وقال أبو البقاء : مكانكم ظرف مبني لوقوعه موقع الأمر ، أي الزموا انتهى . وقد بينا أن تقدير الزموا ليس بجيد ، إذ لم تقل العرب مكانك زيداً فتعديه ، كما تعدى الزم . وقال ابن عطية : أنتم رفع بالابتداء ، والخبر مخزيون أو مهانون ونحوه انتهى . فيكون مكانكم قد تم ، ثم أخبر أنهم كذا ، وهذا ضعيف لفك الكلام الظاهر اتصال بعض أجزائه ببعض ، ولتقدير إضمارلا ضرورة تدعو إليه ، ولقوله : فزيلنا بينهم ، إذ يدل على أنهم ثبتوا هم وشركاؤكم في مكان واحد حتى وقع التزييل بينهم وهو التفريق . ولقراءة من قرأ أنتم وشركاءكم بالنصب على أنه مفعول معه ، والعامل فيه اسم الفعل . ولو كان أنتم مبتدأ وقد حذف خبره ، لما جاز أن يأتي بعده مفعول معه تقول : كل رجل