@ 486 @ وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ) ^ مناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه تعالى لما ذكر جزاء من حارب الله ورسوله ، وسعى في الأرض فساداً من العقوبات الأربع ، والعذاب العظيم المعد لهم في الآخرة ، أمر المؤمنين بتقوى الله وابتغاء القربات إليه ، فإن ذلك هو المنجي من المحاربة والعقاب المعد للمحاربين ، ولما كانت الآية نزلت في العرنيين والكلبيين أو في أهل الكتاب اليهود ، أو في المشركين على الخلاف في سبب النزول ، وكل هؤلاء سعى في الأرض فساداً ، نص على الجهاد ، وإن كان مندرجاً تحت ابتغاء الوسيلة ، لأن به صلاح الأرض ، وبه قوام الدين وحفظ الشريعة ، فهو مغاير لأمر المحاربة ، إذ الجهاد محاربة مأذون فيها ، وبالجهاد يدفع المحاربون ، وأيضاً ففيه تلك النجدة التي وهبها الله له للمحاربة في معصية الله تعالى ، وهل مقصوراً على الجهاد في سبيل الله تعالى ، وأن لا يضع تلك النجدة التي وهبها الله له للمحاربة في معصية الله تعالى ، وهل الوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها ، أو الحاجة ، أو الطاعة ، أو الجنة ، أو أفضل درجاتها أقوال للمفسرين ، وذكر رجاء الفلاح على تقدير حصول ما أمر به قبل من التقوى وابتغاء الوسيلة والجهاد في سبيله ، والفلاح اسم جامع للخلاص عن المكروه والفوز بالمرجو ^ ( إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ) ^ لما أرشد المؤمنين إلى معاقد الخير ومفاتح السعادة ، وذكر فوزهم في الآخر ، وما آلو إليه من الفلاح شرح حال الكفار وعاقبة كفرهم ، وما أعد لهم من العذاب ، والجملة من ^ ( لو ) ^ وجوابها في موضع خبر ^ ( إن ) ^ ومعنى ^ ( ما في الأرض ) ^ من صنوف الأموال التي يفتدي بها ، و ^ ( مثله ) ^ معطوف على اسم ^ ( إن ) ^ ولام كي تتعلق بما تعلق به خبر إن ، وهو لهم ، والمعنى : لو أن ما في الأرض ومثله معه مستقر لهم على سبيل الملك ، ليجعلوه فدية لهم ما تقبل ، وهذا على سبيل التمثيل ولزوم العذاب لهم ، وأنه لا سبيل إلى نجاتهم منه ، وفي الحديث ' يقال للكافر : أرأيت لو كان لكب ملء الأرض ذهباً أكنت تفتدي به ، فيقول : نعم ، فيقال له : قد سئلت أيسر من ذلك ' ووحد الضمير في ^ ( به ) ^ وإن كان قد تقدم شيئان معطوف عليه ومعطوف ، وهو ^ ( ما في الأرض ) ^ و ^ ( مثله معه ) ^ إما لفرض تلازمها فأجريا مجرى الواحد ، كما قالوا : رب يوم وليلة مر بي ، وإما لإجراء الضمير مجرى اسم الإشارة ، كأنه قال : ليفتدوا بذلك ، قال الزمخشري : ويجوز أن تكون الواو في ^ ( ومثله ) ^ بمعنى مع ، فيوحد المرجوع إليه فإن قلت : فبم ينتصب المفعول معه ؟ قلت : بنا تستدعيه لو من الفعل ، لأن لو ثبت أن لهم ما في الأرض انتهى ، وإنما يوحد الضمير ، لأن حكم ما قبل المفعول معه في الخبر والحال ، وعود الضمير متأخراً حكمه متقدماً ، تقول : الماء والخشبة استوى ، كما تقول : الماء استوى والخشبة ، وقد أجاز الأخفش في ذلك أن يعطي حكم المعطوف ، فتقول : الماء مع الخشبة استويا ، ومنع ذلك ابن