@ 320 @ وشجر ليس قياساً مطرداً ، إنما هو على سبيل الشذوذ . وتسكين علم مثل التسكين في قوله : % ( فإن تبله يضجر كما ضجر بازل % .
من الادم دبرت صفحتاه وغاربه .
) % .
{ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } هذا خطاب للمؤمنين باتفاق من المتأولين قاله : ابن عطية . قال : والمعنى لولا هداية الله لكم وإرشاده لبقيتم على كفركم وهو اتباع الشيطان . وقيل : الفضل الرسول . وقيل : الإسلام . وقيل : القرآن . وقيل : في الرحمة أنها الوحي . وقيل : اللطف . وقيل : النعمة . وقيل : التوفيق . والظاهر أنّ الاستثناء هو من فاعل اتبعتم . قال الضحاك : هدى الكل منهم للإيمان ، فمنهم من تمكن فيه حتى لم يخطر له قط خاطر شك ، ولا عنت له شبهة ارتياب ، وذلك هو القليل ، وسائر من أسلم من العرب لم يخل من الخواطر ، فلولا فضل الله بتجريد الهداية لهم لضلوا واتبعوا الشيطان ، ويكون الفضل معيناً أي : رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ) والقرآن ، لأن الكل إنما هدي بفضل الله على الإطلاق . .
وقال قوم : إلا قليلاً إشارة إلى من كان قبل الإسلام غير متبع للشيطان على ملة إبراهيم ، أدركوا بعقولهم معرفة الله ووحدوه قبل أن يبعث الرسول ، كزيد بن عمرو بن نفيل أدرك فساد ما عليه اليهود والنصارى والعرب ، فوحد الله وآمن به ، فعلى هذا يكون استثناء منقطعاً إذ ليس مندرجاً في المخاطبين بقوله : لاتبعتم . .
وقال قوم : الاستثناء إنما هو من الاتباع ، فقدره الزمخشري : إلا اتباعاً قليلاً ، فجعله مستثنى من المصدر الدال عليه الفعل وهو لاتبعتم . وقال ابن عطية : في تقدير أن يكون استثناء من الاتباع قال : أي لاتبعتم الشيطان كلكم إلا قليلاً من الأمور كنتم لا تتبعونه فيها ، ففسره في الاستثناء بالمتبع فيه ، فيكون استثناء من المتبع فيه المحذوف لا من الاتباع ، ويكون استثناء مفرّعاً ، والتقدير : لاتبعتم الشيطان في كل شيء إلا قليلاً من الأشياء فلا تتبعونه فيه . فإن كان ابن عطية شرح من حيث المعنى فهو صحيح ، لأنه يلزم من الاستثناء الاتباع القليل أن يكون المتبع فيه قليلاً ، وإن كان شرح من حيث الصناعة النحوية فليس بجيد ، لأن قوله : إلا اتباعاً قليلاً ، لا يرادف إلا قليلاً من الأمور كنتم لا تتبعونه فيها . وقال قوم : قوله إلا قليلاً عبارة عن العدم ، يريد : لاتبعتم الشيطان كلكم . قال ابن عطية : وهذا قول قلق ، وليس يشبه ما حكى سيبويه من قولهم : أرض قلما تنبت كذا ، بمعنى لا تنبته . لأن اقتران القلة بالاستثناء يقتضي حصولها ، ولكن ذكره الطبري انتهى . وهذا الذي ذكره ابن عطية صحيح ، ولكن قد جوزه هو في قوله : { وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } ولم يقلق عنده هناك ولا رده ، وقد رددناه عليه هناك فيطالع ثمة . .
وقيل : إلا قليلاً مستثنى من قوله : أذاعوا به ، والتقدير : أذاعوا به إلا قليلاً ، قاله : ابن عباس وابن زيد ، واختاره : الكسائي ، والفراء ، وأبو عبيد ، وابن حرب ، وجماعة من النحويين ، ورجحه الطبري . وقيل : مستثنى من قوله : لعلمه الذين يستنبطونه منهم ، قاله : الحسن ، وقتادة ، واختاره ابن عيينة . وقال مكي : ولولا فضل الله عليكم أي : رحمته ونعمته إذ عافاكم مما ابتلى به هؤلاء المنافقين الذين وصفهم بالتبييت ، والخلاف لاتبعتم الشيطان هو خطاب للذين قال لهم : { خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ } وقيل : الخطاب عام ، والقليل المستثنى هم أمة الرسول ، لأنهم قليل بالنسبة إلى الكفار . وفي الحديث الصحيح : ( ما أنتم إلا كالرقمة البيضاء في الثور الأسود ) . .
{ فَقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرّضِ الْمُؤْمِنِينَ } قيل : نزلت في بدر الصغرى . دعا الناس إلى الخروج ، وكان أبو سفيان وعادَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) اللقاء فيها ، فكره بعض الناس أن يخرجوا فنزلت . فخرج وما معه إلا سبعون لم يلو على أحد ، ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده .