@ 257 @ بالطعام ، وبخل بالسلام ، وبخل بالكلام ، وبخل على الأقارب دون الأجانب ، وبخل بالجاه ، وكلها نقائض ورذائل مذمومة عقلاً وشرعاً وقد جاءت أحاديث في مدح السماحة وذم البخل منها : { مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ وَمَن نّعَمّرْهُ نُنَكّسْهُ فِى الْخَلْقِ } وظاهر قوله بالبخل أنه متعلق بقوله : ويأمرون ، كما تقول : أمرت زيداً بالصبر ، فالبخل مأمور به . وقيل : متعلق الأمر محذوف ، والباء في بالبخل حالية ، والمعنى : ويأمرون الناس بشكرهم مع التباسهم بالبخل ، فيكون نحو ما أشار إليه الشاعر بقوله : % ( أجمعت أمرين ضاع الحزم بينهما % .
تيه الملوك وأفعال المماليك .
) % .
وقرأ الجمهور : بالبخل بضم الباء وسكون الخاء . وعيسى بن عمرو الحسن : بضمهما . وحمزة الكسائي : بفتحهما ، وابن الزبير وقتادة وجماعة . بفتح الباء ، وسكون الخاء . وهي كلها لغات . قال الفرّاء : البخل مثقلة لأسد ، والبخل خفيفة لتميم ، والبخل لأهل الحجاز . ويخففون أيضاً فتصير لغتهم ولغة تميم واحدة ، وبعض بكر بن وائل بقولون البخل قال جرير : % ( تريدين أن ترضي وأنت بخيلة % .
ومن ذا الذي يرضي الأخلاء بالبخل .
) % .
وأنشدني المفضل : .
وأوفاهم أوان بخل .
وينشد هذا البيت بفتحتين وضمتين : .
.
وإن امرأ لا يرتجى الخير عنده لذو بخل كل على من يصاحب .
.
) % .
واختلفوا في إعراب الذين يبخلون ، فقيل : هو في موضع نصب بدل من قوله : من كان . وقيل : من قوله مختالاً فخوراً . أفرد اسم كان ، والخبر على لفظ من ، وجمع الذين حملا على المعنى . وقيل : انتصب على الذم . ويجوز عندي أن يكون صفة لمن ، ولم يذكروا هذا الوجه . وقيل : هو في موضع رفع على إضمار مبتدأ محذوف ، أي : هم الذين . وقال أبو البقاء : يجوز أن يكون بدلاً من الضمير في فخوراً ، وهو قلق . فهذه ستة أوجه يكون فيها الذين يبخلون متعلقاً بما قبله ، ويكون الباخلون منفياً عنهم محبة الله تعالى ، وتكون الآية إذن في المؤمنين ، والمعنى : أحسنوا أيها المؤمنون إلى مَن سمى الله ، فإن الله لا يحب من فيه الخلال المانعة من الإحسان إليهم وهي : الخيلاء ، والفخر ، والبخل ، والأمر به ، وكتمان ما أعطاهم الله من الرزق والمال . وقيل : الذين يبخلون في موضع رفع على الابتداء ، واختلفوا في الخبر : أهو محذوف ؟ أم ملفوظ به ؟ فقيل : هو ملفوظ به وهو قوله : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا } ويكون الرابط محذوفاً تقديره : مثقال ذرة لهم ، أو لا يظلمهم مثقال ذرة . وإلى هذا ذهب الزجاج ، وهو بعيد متكلف لكثرة الفواصل بين المبتدأ والخبر ، ولأن الخبر لا ينتظم مع المبتدأ معناه : انتظاماً واضحاً لأنّ سياق المبتدأ وما عطف عليه ظاهراً من قوله : والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، لا يناسب أن يخبر عنه بقوله : إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً ، بل مساق أنّ الله لا يظلم أن يكون استئناف كلام إخباراً عن عدله وعن فضله تعالى وتقدس . وقيل : هو محذوف فقدره الزمخشري : الذين يبخلون ويفعلون