@ 178 @ نساء صالحات جرى الوصف في ذلك مجرى الفعل . والأولى في الكلام معاملته معاملة ما جرى على الواحدة ، هذا إذا كان جمع ما لا يعقل للكثرة . فإذا كان جمع فلة ، فالأولى عكس هذا الحكم : فأجذاع منكسرات أولى من أجذاع منكسرة ، وهذا فيما وجد له الجمعان : جمع القلة ، وجمع الكثرة . أمّا ما لا يجمع إلا على أحدهما ، فينبغي أن يكون حكمه على حسب ما تطلقه عليه من القلة والكثرة . وإذا تقرر هذا نتج أنَّ التي أولى من اللاتي ، لأنه تابع لجمع لا يعقل . ولم يجمع مال على غيره ، ولا يراد به القلة لجريان الوصف به مجرى الوصف بالصفة التي تلحقها التاء للمؤنث ، فلذلك كانت قراءة الجماعة أصوب . وقال الفراء : تقول العرب في النساء : اللاتي ، أكثر مما تقول التي . وفي الأموال تقول التي أكثر مما تقول اللاتي ، وكلاهما في كليهما جائز . وقرىء شاذ اللواتي ، وهو أيضاً في المعنى جمع التي ومعنى قياماً تقومون بها وتنتعشون بها ، ولو ضيعتموها لتلفت أحوالكم . قال الضحاك : جعلها الله قياماً لأنه يقام بها الحج والجهاد وإكمال البر ، وبها فكاك الرقاب من رق ومن النار ، وكان السلف تقول : المال سلاح المؤمن ، ولأن أترك ما يحاسبني الله عليه خير من أن أحتاج إلى الناس . وعن سفيان الثوري وكانت له بضاعة يقلبها : لولاها لتمندل أي : بنو العباس . وكانوا يقولون : اتجروا فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل كل دينه . وقرأ نافع وابن عامر : قيماً ، وجمهور السبعة : قياماً ، وعبد الله بن عمر : قواماً بكسر القاف ، والحسن وعيسى بن عمر : قواماً بفتحها . ورويت عن أبي عمرو . وقرىء شاذاً : قوماً . فأما فيما فمقدر كالقيام ، والقيام قاله : الكسائي والفراء والأخفش ، وليس مقصوراً من قيام . وقيل : هو مقصور منه . قالوا : وحذفت الألف كما حذفت في خيم وأصله خيام ، أو جمع قيمة كديم جمع قاله : البصريون غير الأخفش . ورده أبو علي : بأنه وصف به في قوله : { دِينًا قِيَمًا } والقيم لا يوصف به ، وإنما هو مصدر بمعن القيام الذي يراد به الثبات والدوام . ورد هذا بأنه لو كان مصدراً لما أعلّ كما لم يعلوا حولاً وعوضاً ، لأنه على غير مثال الفعل ، لا سيما الثلاثية المجردة . وأجيب : بأنه اتبع فعله في الإعلال فأعل ، لأنه مصدر بمعنى القيام ، فكما أعل القيام أعل هو . وحكى الأخفش : قيماً وقوماً ، قال : والقياس تصحيح الواو ، وإنما اعتلت على وجه الشذوذ كقولهم : تيره ، وقول بني ضبة : طيال في جمع طويل ، وقول الجميع : جياد في جمع جواد . وإذا أعلوا ديماً لاعتلال ديمة ، فإن إعلال المصدر لاعتلال فعله أولى . ألا ترى إلى صحة الجمع مع اعتلال مفرده في معيشة ومعائش ، ومقامة ومقاوم ، ولم يصححوا مصدراً أعلوا فعله . وقيل : يحتمل هنا أن يكون جمع قيمة ، وإن كان لا يحتمله ديناً قيماً . وأما قيام فظاهر فيه المصدر ، وأما قوام فقيل : مصدر قاوم . وقيل : هو اسم غير مصدر ، وهو ما يقام به كقولك : هو ملاك الأمر لما يملك به . وأما قوام فخطأ عند أبي حاتم . وقال : القوام امتداد القامة ، وجوزه الكسائي . وقال : هو في معنى القوام ، يعني أنه مصدر . وقيل : اسم للمصدر . وقيل : القوام القامة ، والمعنى : التي جعلها الله سبب بقاء قاماتكم . .
{ وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } أي : اطعموهم واجعلوا لهم نصيباً . قيل : معناه فيمن يلزم الرجل نفقته من زوجته وبنيه الصغار . قال ابن عباس : لا تعمد إلى هلاك الشيء الذي جعله الله لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنيك ثم تنظر إلى ما في أيديهم ، وأمسك ذلك وأصلحه ، وكن أنت تنفق عليهم في رزقهم وكسوتهم ومؤونتهم . وقيل : في المحجورين ، وهو خلاف مرتب على الخلاف في المخاطبين بقوله : وآتوا من هم . والمعنى على هذا القول : اجعلوها مكاناً لزرقهم بأن تتجروا فيها وتربحوا ، حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال ، فلا يأكلها الإنفاق . قيل : وقال فيها : ولم يقل منها تنبيهاً على ما قاله عليه السلام : ( ابتغوا في أموال اليتامى التجارة لا تأكلها الزكاة ) والمستحب أن يكون الإنفاق عليهم من فضلاتها المكتسبة . وقيل في : بمعنى من ، أي منها . .
{ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } المعروف : ما تألفه النفوس