@ 177 @ يعطين رغبة ورهبة ، فأيما امرأة أعطت زوجها ثم أرادت أن ترجع فلها ذلك . قال شريح : لو طابت نفسها لما رجعت . وقال عبد الملك : قال تعالى : { فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً } وكلا القولين خلاف الظاهر من هذه الآية . وفي تعليق القبول على طيب النفس ذون لفظة الهبة أو الإسماح ، دلالة على وجوب الاحتياط في الأخذ ، وإعلام أنّ المراعى هو طيب نفسها بالموهوب . وفي قوله : هنيئاً مريئاً مبالغة في الإباحة والقبول وزوال التبعة . .
{ وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً } قال ابن مسعود والحسن والضحاك والسدي وغيرهم : نزلت في ولد الرجل الصغار وامرأته . وقال ابن جبير : في المحجورين . وقال مجاهد : في النساء خاصة . وقال أبو موسى الأشعري والطبري وغيرهما : نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط الله من السفه كائناً من كان . ويضعف قول مجاهد أنها في النساء ، كونها جمع سفيهة ، والعرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات قاله : ابن عطية . ونقلوا أنّ العرب جمعت شفيهة على سفهاء ، فهذا اللفظ قد قالته العرب للمؤنث ، فلا يضعف قول مجاهد . وإن كان جمع فعيلة الصفة للمؤنث نادراً لكنه قد نقل في هذا اللفظ خصوصاً . وتخصيص ابن عطية جمع فعيلة بفعائل أو فعيلات ليس بجيد ، لأنه يطرد فيه فعال كظريفة وظراف ، وكريمة وكرام ، ويوافق في ذلك المذكر . وإطلاقه فعيلة دون أن يخصها بأن لا يكون بمعنى مفعولة نحو : قتيلة ، ليس بجيد ، لأن فعيلة لا تجمع على فعائل . .
وقيل : عنى بالسفهاء الوارثين الذين يعلم من حالهم أنهم يتسفهون في استعمال ما تناله أيديهم ، فنهى عن جمع المال الذي ترثه السفهاء . والسفهاء : هم المبذرون الأموال بالإنفاق فيما لا ينبغي ، ولا يد لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرّف فيها . والظاهر في قوله : أموالكم أن المال مضاف إلى المخاطبين بقوله : ولا تؤتوا . قال أبو موسى الأشعري وابن عباس والحسن وقتادة : نهى أن يدفع إلى السفيه شيء من مال غيره ، وإذا وقع النهي عن هذا فإن لا يؤتى شيئاً من مال نفسه أولى وأحرى بالنهي ، وعلى هذا القول : وهو أن يكون الخطاب لأرباب الأموال . قيل : يكون في ذلك دلالة على أن الوصية للمرأة جائزة ، وهو قول عامة أهل العلم . وأوصى عمر إلى حفصة . وروي عن عطاء : أنها لا تكون وصياً . قال : ولو فعل حولت إلى رجل من قومه . .
قيل : ويندرج تحتها الجاهل بأحكام البيع . وروي عن عمر أنه قال : ( من لم يتفقه في الدين فلا يتجر في أسواقنا ، والكفار ) . وكره العلماء أن يوكلَ المسلم ذمياً بالبيع والشراء ، أو يدفع إليه يضاربه . وقال ابن جبير : يريد أموال السفهاء ، وإضافها إلى المخاطبين تغبيط بالأموال ، أي : هي لهم إذا احتاجوها كأموالكم التي تقي أغراضكم وتصونكم وتعظم أقذاركم . ومن مثل هذا : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } وما جرى مجراه . وهذا القول ذكره الزمخشري أولاً قال : والخطاب للأولياء ، وأضاف الأموال إليهم لأنها من جنس ما يقيم به الناس معائشهم . كما قال : ولا تقتلوا أنفسكم ، { فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ } ، والدليل على أنه خطاب للأولياء في أموال اليتامى قوله : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } . .
وقرأ الحسن والنخعي : اللاتي . وقرأ الجمهور : التي . قال ابن عطية : والأموال جمع لا يعقل ، فالأصوب فيه قراءة الجماعة انتهى . واللاتي جمع في المعنى للتي ، فكان قياسه أن لا يوصف به الإماء وصف مفرده بالتي ، والمذكر لا يوصف بالتي سواء كان عاقلاً أو غير عاقل ، فكان قياس جمعه أن لا يوصف بجمع التي الذي هو اللاتي . والوصف بالتي يجري مجرى الوصف بغيره من الصفات التي تلحقها التاء للمؤنث . فإذا كان لنا جمع لا يعقل فيجوز أن يجري الوصف عليه كجريانه على الواحدة المؤنثة ، ويجوز أن يجري الوصف عليه كجريانه على جمع المؤنثات فتقول : عندي جذوع منكسرة ، كما تقول : امرأة طويلة ، وجذوع منكسرات . كما تقول :