@ 176 @ حيث المعنى . وجماع القول في هنيئاً : أنها حال قائمة مقام الفاعل الناصب لها . فإذا قيل : إن فلاناً أصاب خيراً فقلت هنيئاً له ، ذلك فالأصل ثبت له ذلك هنيئاً فحذف ثبت ، وأقيم هنيئاً مقامه . واختلفوا إذ ذاك فيما يرتفع به ذلك . فذهب السيرافي إلى أنه مرفوع بذلك الفعل المختزل الذي هو ثبت ، وهنيئاً حال من ذلك ، وفي هنيئاً ضمير يعود على ذلك . وإذا قلت : هنيئاً ولم تقل له ذلك ، بل اقتصرت على قولك : هنيئاً ، ففيه ضمير مستتر يعود على ذي الحال ، وهو ضمير الفاعل الذي استتر في ثبت المحذوفة . وذهب الفارسي إلى أن ذلك إذا قلت : هنيئاً له ، ذلك مرفوع بهنيئاً القائم مقام الفعل المحذوف ، لأنه صار عوضاً منه ، فعمل عمله . كما أنك إذا قلت : زيد في الدار ، رفع المجرور الضمير الذي كان مرفوعاً بمستقر ، لأنه عوض منه . ولا يكون في هنيئاً ضمير ، لأنه قد رفع الظاهر الذي هو اسم الإشارة . وإذا قلت : هنيئاً ففيه ضمير فاعل بها ، وهو الضمير فاعلاً لثبت ، ويكون هنيئاً قد قام مقام الفعل المختزل مفرعاً من الفعل . وإذا قلت : هنيئاً مريئاً ، فاختلفوا في نصب مريء . فذهب بعضهم : إلى أنه صفة لقولك هنيئاً ، وممن ذهب إلى ذلك الحوفي . وذهب الفارسي : إلى أن انتصابه انتصاب قولك هنيئاً ، فالتقدير عنده : ثبت مريئاً ، ولا يجوز عنده أن يكون صفة لهنيئاً ، من جهة أنَّ هنيئاً لما كان عوضاً من الفعل صار حكمه حكم الفعل الذي ناب منابه ، والفعل لا يوصف ، فكذلك لا يوصف هو . وقد ألمّ الزمخشري بشيء مما قاله النحاة في هنيئاً لكنه حرفه فقال بعد أن قدّم أن انتصابه على أنه وصف للمصدر ، أو حال من الضمير في فكلوه أي : كلوه وهو هنيء مريء . قال : وقد يوقف على فكلوه ، ويبتدأ هنيئاً مريئاً على الدعاء ، وعلى أنهما صفتان أقيمتا مقام المصدر ، كأنه قيل : هنئاً مرئاً انتهى . وتحريفه أنه جعلهما أقيما مقام المصدر ، فانتصابهما على هذا انتصاب المصدر ، ولذلك قال : كأنه قيل هنأ مرأ ، فصار كقولك : سقياً ورعياً ، أي : هناءة ومراءة . والنحاة يجعلون انتصاب هنيئاً على الحال ، وانتصاب مريئاً على ما ذكرناه من الخلاف . إما على الحال ، وإما على الوصف . ويدل على فساد ما حرفه الزمخشري وصحة قول النحاة ارتفاع الأسماء الظاهرة بعد هنيئاً مريئاً ، ولو كانا ينتصبان انتصاب المصادر . والمراد بها : الدعاء . أجاز ذلك فيها تقول : سقياً لك ورعياً ، ولا يجوز سقياً الله لك ، ولا رعياً الله لك ، وإن كان ذلك جائزاً في فعله فتقول : سقاك الله ورعاك . والدليل على جواز رفع الأسماء الظاهرة بعدها قول الشاعر : % ( هنيئاً مريئاً غيرداء مخامر % .
لعزة من أعراضنا ما استحلت .
) % .
فما : مرفوع بما تقدّم من هنيء أو مريء . أو بثبت المحذوفة على اختلاف السيرافي وأبي عليّ على طريق الأعمال . وجاز الأعمال في هذه المسألة وإن لم يكن بينهما رابط عطف ، لكون مريئاً لا يستعمل إلا تابعاً لهنيئاً ، فصارا كأنهما مرتبطان لذلك . ولو كان ذلك في الفعل لم يجز لو قلت : قام خرج زيد ، لم يصح أن يكون من الأعمال إلا على نية حرف العطف . وذهب بعضهم : إلى أنّ مريئاً يستعمل وحده غير تابع لهنيئاً ، ولا يحفظ ذلك من كلام العرب ، وهنيئاً مريئاً اسما فاعل للمبالغة . وأجاز أبو البقاء أن يكونا مصدرين جاءآ على وزن فعيل ، كالصهيل والهدير ، وليسا من باب ما يطرد فيه فعيل في المصدر . .
وظاهر الآية يدل على أنّ المرأة إذا وهبت لزوجها شيئاً من صداقها طيبة بها نفسها غير مضطرة إلى ذلك بإلحاح أو شكاسة خلق ، أو سوء معاشرة ، فيجوز له أن يأخذ ذلك منها ويتملكه وينتفع به . ولم يوقت هذا التبرع بوقت ، ولا استثناء فيه رجوع . وذهب الأوزاعي : إلى أنه لا يجوز تبرعها ما لم تلد ، أو تقم في بيت زوجها سنة ، فلو رجعت بعد الهبة فقال شريح وعبد الملك بن مروان : لها أن ترجع . وروى مثله عن عمر . كتب عمر إلى قضاته : أن النساء