@ 151 @ % ( فما برحت أقدامنا في مقامنا % .
ثلاثتنا حتى أرينا المنائيا .
) % .
فثلاثتنا بدل من ضمير المتكلم . وأجاز ذلك لأنه بدل في معنى التوكيد ، ويشهد لمذهب الأخفش قول الشاعر : % ( بكم قريش كفينا كل معضلة % .
وأم نهج الهدى من كان ضليلا .
) % .
وقول الآخر : % ( وشوهاء تغدو بي إلى صارخ الوغى % .
بمستلئم مثل الفنيق المرجل .
) % .
فقريش بدل من ضمير المخاطب . وبمستلئم بدل من ضمير المتكلم . وقد تجيء أو في معنى الواو إذا عطفت ما لا بد منه كقوله : % ( قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم % .
من بين ملجم مهره أو سافع .
) % .
يريد : وسافع . فكذلك يجوز ذلك هنا في أو ، أن تكون بمعنى الواو ، لأنه لما ذكر عمل عامل دل على العموم ، ثم أبدل منه على سبيل التأكيد ، وعطف على حد الجزئين ما لا بد منه ، لأنه لا يؤكد العموم إلا بعموم مثله ، فلم يكن بدّ من العطف حتى يفيد المجموع من المتعاطفين تأكيد العموم ، فصار نظير من بين ملجم مهره أو سافع . لأنّ بين لا تدخل على شيء واحد ، فلا بد من عطف مصاحب مجرورها . .
ومعنى بعضكم من بعض : أي مجمع ذكوركم وإناثكم أصل واحد ، فكل واحد منكم من الآخر أي من أصله . فإذا كنتم مشتركين في الأصل ، فكذلك أنتم مشتركون في الأجر وتقبل العمل . فيكون من هنا تفيد التبعيض الحقيقي ، ويشير بذلك الاشتراك الأصلي إلى الاشتراك في الأجر على حدّ واحد . وقيل : معناه بعضكم من بعض في الدين والنصرة ، والمعنى : أن وصف الإيمان يجمعهم ، كما جاء ( المسلمون تتكافاً دماؤهم ) وقيل : معناه الذكور من الإناث ، والإناث من الذكور ، فكذلك الثواب . فكما اشتركوا في هذه البعضية كذلك اشتركوا في الأجر والثواب . ومحصول معنى هذه الجملة : أنه جيء بها لتبيين شركة النساء مع الرجال فيما وعد الله به عباده العاملين ، وقد تقدّم ذكر سبب نزولها وهو : سؤال أم سلمة وخرّجه الحاكم في صحيحه . .
{ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِى سَبِيلِى } لما ذكر تعالى أنه لا يضيع عمل عاملٍ ، ذكرَ مَنْ عمل الأعمال السنية التي يستحق بها أن لا يضيع عمله ، وأن لا يترك جزاؤه . فذكر أولاً الهجرة وهي : الخروج من الوطن الذي لا يمكن إقامة دينه فيه إلى المكان الذي يمكن ذلك فيه ، وهذا من أصعب شيء على الإنسان ، إذ هو مفارقة المكان الذي ربا فيه ونشأ مع أهله وعلى طريقتهم ، ولولا نوازع الغوى المربى على وازع النشأة ما أمكنه ذلك . ألا ترى لقول الشاعر هما لابن الرومي : % ( وحبب أوطان الرجال إليهم % .
.
مآرب قضاها الشباب هنالكا .
) % % ( إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم % .
عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا .
) % .
وقال ابن الصفي رفاعة بن عاصم الفقعسي : % ( أحب بلاد الله ما بين منعج % .
إليّ وسلمى أن يصوب سحابها .
) %