@ 150 @ والإصلاح . وكذلك تكرر هذا الاسم في قصة آدم ونوح وغيرهما . وفي تكرار ربنا ربنا دلالة على جواز الإلحاح في المسألة ، واعتماد كثرة الطلب من الله تعالى . وفي الحديث : ( ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام ) وقال الحسن : ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم . وهذه مسألة أجمع عليها علماء الأمصار خلافاً لبعض الصوفية ، إذا جاز ذلك فيما يتعلق بالآخرة لا بالدنيا ، ولبعض المتصوفة أيضاً إذ قال الله تعالى : { مِن رَّأْسِهِ قُضِىَ الاْمْرُ } واجتنب النهي وارتفع عنه كلف طلباته ودعائه . خرج أبو نصر الوايلي السجستاني الحافظ في كتاب الإبانة عن أبي هريرة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ) كان يقرأ عشر آيات من آخر سورة آل عمران كل ليلة ) يعني : أن في خلق السموات والأرض . قال العلماء : ويستحب لمن انتبه من نومه أن يمسح على وجهه ، ويستفتح قيامه بقراءة هذا العشر آيات اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ) ، ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما ، ثم يصلي ما كتب له ، فيجمع بين التفكر والعمل { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ } روي أن أم سلمة قالت : يا رسول الله قد ذكر الله الرّجال في الهجرة ولم يذكر النساء في شيء من ذلك ، فنزلت ، ونزل آيات في معناها فيها ذكر النساء . ومعنى استجاب : أجاب ، ويعدى بنفسه وباللام . وتقدم الكلام في { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى } ونقل تاج القرّاء أن أجاب عام ، واستجاب خاص في حصول المطلوب . وقرأ الجمهور : إني على إسقاط الباء ، أي : بأني . وقرأ أبي بأني بالباء . وقرأ عيسى بن عمر : إني بكسر الهمزة ، فيكون على إضمار القول على قول البصريين ، أو على الحكاية بقوله : فاستجاب . لأن فيه معنى القول على طريقة الكوفيين . وقرأ الجمهور : أضيع من أضاع . وقرأ بعضهم : أضيع بالتشديد من ضيَّع ، والهمزة والتشديد فيه للنقل كما قال الشاعر : % ( كمرضعة أولاد أخرى وضيَّعت % .
بنى بطنها هذا الضلال عن القصد .
) % .
ومعنى ذلك : لا أترك جزاء عامل منكم . ومنكم في موضع الصفة ، أي : كائن منكم . وقوله : من ذكر أو أنثى ، قيل : من تبيين لجنس العامل ، فيكون التقدير الذي هو ذكر أو أنثى . ومن قيل : زائدة لتقدم النفي في الكلام . وقيل : مِنْ في موضع الحال من الضمير الذي في العامل في منكم أي : عامل كائن منكم كائناً من ذكر أو أنثى . وقال أبو البقاء : من ذكر أو أنثى بدل من منكم ، بدل الشيء من الشيء ، وهما لعينٍ واحدة انتهى . فيكون قد أعاد العامل وهو حرف الجر ، ويكون بدلاً تفصيلياً من مخاطب . ويعكر على أن يكون بدلاً تفصيلياً عطفه بأو ، والبدل التفصيلي لا يكون إلا بالواو كقوله : % ( وكنت كذي رجلين رجل صحيحة % .
ورجل رمى فيها الزمان فشلت .
) % .
ويعكر على كونه من مخاطب أنَّ مذهب الجمهور : أنه لا يجوز أن يبدل من ضمير المتكلم وضمير المخاطب بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة ، وأجاز ذلك الأخفش . هكذا أطلق بعض أصحابنا الخلاف وقيده بعضهم بما كان البدل فيه لإحاطة ، فإنه يجوز إذ ذاك . وهذا التقييد صحيح ، ومنه ( تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا ) فقوله لأوّلنا وآخرنا بدل من ضمير المتكلم في قوله : لنا وقول الشاعر :