@ 66 @ التنبيه على أن ذلك جزاء واجب على عمل ، وأجر مستحق عليه ، لا كما يقول المبطلون . وروى أن الله عزّ وجل أوحى إلى موسى عليه السلام : ما أقلَّ حياء من يطمعُ في جنتي بغير عمل ، كيف أجود برحمتي على من يبخل بطاعتي ؟ وعن شهر بن حوشب : طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب ، وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور ، وارتجاء الرحمة ممن لا يطاع حمق وجهالة . وعن الحسن يقول الله يوم القيامة : جوزوا الصراط بعفوي ، وادخلوا الجنة برحمتي ، واقتسموها بأعمالكم . وعن رابعة البصرية أنها كانت تنشد : % ( ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها % .
إن السفينة لا تجري على اليبس .
) % .
انتهى ما ذكره ، والبيت الذي كانت رابعة تنشده هو لعبد الله بن المبارك . وكلام الزمخشري جار على مذهبه الاعتزال من أن الإيمان دون عمل لا ينفع في الآخرة . .
{ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } المخصوص بالمدح محذوف تقديره : ونعم أجر العاملين ذلك ، أي المغفرة والجنة { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِى الاْرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذّبِينَ } الخطاب للمؤمنين ، والمعنى : أنه إنْ ظهر عليكم الكفار يوم أحد فإن حسن العاقبة للمتقين ، وإنْ أديل الكفار فالعاقبة للمؤمنين . وكذلكم كفاركم هؤلاء عاقبتهم إلى الهلاك . وقال النقاش : الخطاب للكفار لقوله بعد { وَلاَ تَهِنُواْ } ولما ذكر تعالى الجمل المعترضة في قصة أحد عاد إلى كمالها ، فخاطبهم بأنه إنْ وقعت إدالة الكفار فالعاقبة للمؤمنين . والمعنى : قد تقدّمت ومضت . .
وقال الزجاج : أهل سنن أي طرائق أو أمم ، على شرح المفضل أنّ السنة الأمة . وقال الحسن : سنة أقضية في إهلاك الأمم السالفة عاد وثمود وغيرهم . وقال ابن زيد : أمثال . وقال ابن عباس : وقائع وطلب السير في الأرض ، وإن كانت أحوال من تقدّم تدرك بالأخبار دون السير . لأن الأخبار إنما تكون ممن سار وعاين ، وعنه ينقل : فطلب منه الوجه الأكمل إذ للمشاهدة أثر أقوى من أثر السماع . وقيل : السير هنا مجاز عن التفكر ، وهو من تشبيه المعقول بالمحسوس . وقال الجمهور : النظر هنا من نظر العين . وقال قوم : هو بالفكر . والجملة الاستفهامية في موضع المفعول لانظروا لأنها معلقة وكيف في موضع نصب خبر كان . والمعنى : ما سنة الله في الأمم المكذبين من وقائعه كما قال تعالى : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } { وَقُتّلُواْ تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } . .
وفي هذه الآية دلالة على جواز السفر في فجاج الأرض للاعتبار ، ونظر ما حوت من عجائب مخلوقات الله تعالى ، وزيارة الصالحين وزيارة الأماكن المعظمة كما يفعله سياح هذه الملة ، وجواز النظر في كتب المؤرخين لأنها سبيل إلى معرفة سير العالم وما جرى عليهم من المثلاث . .
{ هَاذَا بَيَانٌ لّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لّلْمُتَّقِينَ } قال الحسن وقتادة وابن جريج والربيع : الإشارة إلى القرآن . وقيل : الإشارة إلى قوله : قد خلت من قبلكم سنن قاله : ابن إسحاق ، والطبري ، وجماعة . أيْ هذا تفسير للناس إنْ قبلوه . وقال الشعبي : هذا بيان للناس من العمى . وقال الزمخشري : هذا بيان للناس ، إيضاح لسوء عاقبة ما هم عليه من التكذيب . يعني : حثهم على النظر في سوء عواقب