بمن يقتله وعلم الناس ذلك فيه فقتل ذلك الغلام بعض مماليكه فبلغه قتله ففرح به وسر ثم وجد قاتله فأنكر عليه قتله الغلام وقال له كيف تقتل غلامي بغير إذني فقال سيدي والله ما قتلته إلا لأريحك منه لأنك تمقته وعلمت مرادك فيه فأرحت الدنيا منه وأرحتك من سوء فعله فأمر بقتله وهذه عقوبة قد وجدت من عاقل حكيم عادل وهي عقوبة على ماأراده وتمناه ومع ذلك لم يخرج من حزب العقلاء ولا عن الحكمة ولايلومه أحد بل لو تركه لعرض نفسه لخطر المطالبة من إلهه ومالكه على ترك القصاص فإنه الذي امر بقتل النفس بالنفس فكيف بمالك لا آمر فوقه يأمره ويزجره ويحد له الحدود وهويتصرف في ملكه تصرفا كليا ولا يخاف مطالبة ولا عقوبة ولالوما ولا حجرا وهو لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون والصورة الثانية في ملكين يملكان الدنيا كل منها في مملكته فخرج .
أحدهما على الآخر وجهز العساكر والجيوش إلى بلاد الملك الآخر فدهمه بغتة ووصل إلى أطراف بلاده والملك غافل عنه فلما صح عنده خبره نهض إليه ولم تكن عساكره وجيوشه مجتمعة وخاف أن يصل إليه فتوجه مع من حضره من جنده فشاهد جيشا عرمرما وعساكر عظيمة هائلة لا يطيق ملاقاته فلاطفه ولاينه بكل كلام رقيق وهاداه وجامله حتى استحى منه ورجع عن بلاده وقد هادنه سنة لا يؤذيه ولايغير على بلاده فلما انصرف عنه عائدا إلى بلاده ومملكته رجعت عساكر الملك التي كانت غائبة وهرعت إليه من كل فج عميق فرأى ما أعجبه فتمنى أن لو نقض الهدنة بأمر يحدث ليجد السبيل إلى نقض العهد وفسخ الهدنة التي بينه وبينه فاتفق أن غلاما لهذا الملك خالف عليه ونافق وخرج عليه ثائرا فسمع به ذلك الملك الآخر فجهز إليه جيشا يتنصح بقتله إلى الملك فلقيه الجيش فقتل الغلام فوصل الخبر إلى الملك بقتل غلامه الثائر عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم جيش ذلك الجيش العظيم إلى الملك وتقدمت رسائله إليه تقول له فسخت ما بيني وبينك بقتل غلامي فبعث إليه ما قتلته إلا في طاعتك فقال له يا هذا ما أمرتك بقتله ولابد من لقائك واستبيح بلادك وقتلك فلم يشعر ذلك الملك حتى وطيء بلاده