فإن قالوا فقد أفسدتم مذهب القائلين بأن الإدارة نفس الأمر وعنيتم أن الحكيم يصح منه أن يأمر بما لا يريد وصورتها الصورة المذكورة في العيد مع سيده إذا أمره وهو لا يريد امتثال أمره ويتبين منها وجود الأمر مع عدم الإرادة وهذا هو حقيقة الغير من أن يوجد أحدهما مع عدم الآخر فإذا ثبت هذا وقلتم إن الله تعالى أمر الكفار أن يؤمنوا ولم يرد إيمانهم فما كان منهم إيمان ولا وجد وقلتم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فقد وقع كفرهم ووجد فإذن قد أراده الله فكيف يصبح من الحكيم العدل أن يريد أمر فإذا كان ما أرد عاقب المكتسب له عليه وهذا مالا يصح وجوده من الحكيم ولا يتصور البتة ولو فعله لخرج عن الحكمة وصار سفيها جائرا وليست هذه صفة العاقل منا فكيف الاله الحيكم العدل .
وكذلك إذا اراد العاقل منا من عبده أمرا ففعله العبد فعاقبه السيد على وجود مراده كان ظالما معرضا للوم كافة العقلاء .
قلنا هذا ذهول منكم وغفلة عما أوردناه ونورد من ذلك أنا قدمنا أن الله سبحانه لا يقاس عدله بعدل العباد إذ العبد يتصور منه الظلم بتصرفه في ملك غيره ولا يتصور الظلم من الله تعالى فإنه لا يصادف لغيره ملكا حتى يكون تصرفه فيه ظلما ومن ذلك أيضا أنه قد ثبت أن الإرادة غير الأمر ونحن لا نقول أن الله تعالى أمر الكفار بالكفر وعاقبهم على ما أمرهم به بل نقول أن الله تعالى يأمر بالعدل والاحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر فلم يبق إلا استبعادكم من كون الحكيم يعاقب على ما أراد وقلتم أنه لا يتصور ولا يفعله الحكيم أبدا قلنا نحن نفرض صورتين ذكرهما علماؤنا Bهم في جواز وقوع العقوبة من الحكيم العدل على ما أراده ولا يعد سفيها ولا خارجا عن الحكمة ولا يلومه العقلاء على العقوبة .
أما الصورة الأولى فأن يكون للعاقل منا عبيد وفيهم عبد مخالف لسيده وسالكا للطرائق الذميمة وهو يمقته ويبغضه ويتمنى أن لو أراحه الله منه بموت أو