والذي يجب على الطالب أمور : .
الأول صلاح النية في طلبه فلا يكون قاصدا بذلك حرفة من حرف الدنيا كأن يكون مدرسا أو مفتيا أو حاكما أو يماري به العلماء أو لأجل أن يكون له شرف أو غير ذلك من الأسباب التي تخالف أن يكون الفعل لله سبحانه .
الثاني : أن يتوجه مع العزم على أنه يريد العلم الذي يوصل إلى الجنة ويكون سبب السعادة ورضاء الرب سبحانه .
الثالث : يلتجئ بباب الرب بأن يفتح عليه بالعلم النافع وأن يقدره على ذلك وأن يمن عليه بالغاية في الطلب والإلطاف وأن يصرف عنه شياطين الإنس والجان . ( 1 / 150 ) .
الرابع : أن يكون مطلوبه علما يصدق عليه بعد معرفته أن من ورثة الأنبياء .
الخامس : أن يفحص ويكمل في إحراز المعاني ونيل تلك المعاني ويجعل ذلك أعظم شغله وأجل قصده ويترك ما سواه لأجله .
السادس : أنه إن احتاج إلى الكشف عن حقيقة مسألة فلا يقنع إلا بما قام عليه الدليل إن كان قد صارت له قدرة على ذلك وإلا فعليه بسؤال العلماء الكبار عما صح عن الرسول A .
السابع : أن لا يقنع باليسير من العلم ولا يرضى بالقليل حتى يبلغ إلى ما في وسعه ودخل تحت قدرته .
الثامن : أن يجل العلماء ويتواضع لهم ويعظمهم وينظر لهم الحق الوافر على الإطلاق فإذا صار أهلا للنقد عرف لكل فرد منهم المرتبة التي تليق به .
التاسع : أن يعظم شيوخه ويجلهم ويكون لهم بمثابة الرقيق فقد قيل : ( ( إن للشيخ حقا مثل ما للأب ) ) بل أزيد لأن الشيخ سبب الحياة الدنيوية والأخروية والأب إنما هو سبب الحياة الدنيوية فقط والعلم حياة والجهل موت وقد قيل في تفسير الآية : ( ( يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ) ) إن المراد يخرج العالم من الجاهل والجاهل من العالم .
العاشر : أن لا ينظر وقد شارف على أول فائدة وقرب إلى معرفة أدنى مرتبة فيظن في نفسه الظنون ويخطر بباله أن قد فاز بالقدح المعلى وبلغ الغاية القصوى فالعلم محتاج إلى تقرير وثبت وإلا فهو قد اقنع نفسه بالجهل وهو لا يشعر وتعلق به قلة العقل بل وإن داوم على جمع العلوم ( 1 / 151 ) وتلك العقيدة باقية فيه لا تظهر لعلمه فائدة ولا يعود عليه ذلك الطلب بعائدة بل يبقى ممحوق البركة ذاهب الرونق وكم قد شاهدنا ممن قبلنا وفي زماننا وكم قد حكت ذلك التواريخ في العالم .
الحادي عشر : أن لا يكون سؤاله ولا تكلمه إلا لأربعة أنواع : .
إما لعدم فهمه لذلك .
أو أنه قد ظهر له اختلال في كلام المصنف ولكن لاعن مجازفة وتخيلات .
أو عدم معرفة لأصل البحث .
أو أنه قد ظهر له أن قد سبق إلى ذهن الشيخ غير ما دل عليه كلام المصنف