فائدة قالوا : يجوز أن تكون الأشياء الكثيرة موضوعا لعلم واحد لكن لا مطلقا بل بشرط تناسبها بأن تكون مشتركة في ذاتي كالخط والسطح والجسم التعليمي للهندسة فإنها تشارك في جنسها وهو المقدار أو في عرضي كبدن الإنسان وأجزائه والأغذية والأدوية والأركان والأمزجة وغير ذلك إذا جعلت موضوعات للطب فإنها تتشارك في كونها منسوبة إلى الصحة التي هي الغاية القصوى في ذلك العلم .
فائدة : قالوا : الشيء الواحد لا يكون موضوعا للعلمين . وقال صدر الشريعة : ( ( هذا غير ممتنع فإن الشيء الواحد له أعراض متنوعة ففي كل علم يبحث عن بعض . منها ألا ترى أنهم جعلوا أجسام العالم وهي البسائط موضوع علم الهيئة من حيث الشكل وموضوع علم السماء والعالم من حيث الطبيعة ) ) وفيه نظر ( 1 / 78 ) .
أما أولا : فلأنهم لما حاولوا معرفة أحوال أعيان الموجودات وضعوا الحقائق أنواعا وأجناسا وبحثوا عما أحاطوا به من أعراضها الذاتية فحصلت لهم مسائل كثيرة متحدة في كونها بحثا عن أحوال ذلك الموضوع . وإن اختلفت محمولاتها فجعلوها بهذا الاعتبار علما واحدا يفرد بالتدوين والتسمية . وجوزوا لكل أحد أن يضيف إليه ما يطلع عليه من أحوال ذلك الموضوع . فإن المعتبر في العلم هو البحث عن جميع ما تحيط به الطاقة الإنسانية من الأعراض الذاتية للموضوع . فلا معنى للعلم الواحد إلا أن يوضع بشيء أو أشياء متناسبة فيبحث عن جميع عوارضه ولا معنى لتمايز العلوم . إلا أن هذا ينظر في أحوال شيء وذلك في أحوال شيء آخر مغاير له بالذات أو بالاعتبار بأن يؤخذ في أحد العلمين مطلقا وفي الآخر مقيدا أو يؤخذ في كل منهما مقيدا بقيد آخر . وتلك الأحوال مجهولة مطلوبة والموضوع معلوم بين الموجود وهو الصالح سببا للتمايز