وأما ثانيا : فلأنه ما من علم إلا ويشتمل موضوعه على أعراض ذاتية متنوعة فلكل أحد أن يجعله علوما متعددة بهذا الاعتبار مثلا يجعل البحث عن فعل المكلف من حيث الوجوب علما ومن حيث الحرمة علما آخر إلى غير ذلك . فيكون الفقه علوما متعددة موضوعها فعل المكلف فلا ينضبط الاتحاد والاختلاف .
فائدة : قال صدر الشريعة : ( ( قد تذكر الحيثية في الموضوع ) ) . وله معنيان .
أحدهما : أن الشيء مع تلك الحيثية موضوع كما يقال : الموجود من حيث إنه موجود أي : من هذه الجهة . وبهذا الاعتبار موضوع ( 1 / 79 ) العلم الإلهي فيبحث فيه عن الأحوال التي تلحقه من حيث إنه موجود كالوحدة والكثرة ونحوهما . ولا يبحث فيه عن تلك الحيثية أي حيثية الوجود لأن الموضوع ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية لا ما يبحث عنه وعن أجزائه .
وثانيهما : أن الحيثية تكون بيانا للأعراض الذاتية المبحوث عنها فإنه يمكن أن يكون للشيء عوارض ذاتية متنوعة وإنما يبحث في علم من نوع منها .
فالحيثية بيان لذلك النوع فيجوز أن يبحث عنها فقولهم : موضوع الطب بدن الإنسان من حيث إنه يصح ويمرض . وموضوع الهيئة أجسام العالم من حيث إن لها شكلا يراد به المعنى . الثاني لا الأول إذ في الطب يبحث عن الصحة والمرض وفي الهيئة عن الشكل فلو كان المراد الأول لم يبحث عنها