@ 244 @ | وتيقظت عن سنة غفلتها وتفطنت لقدس جوهرها وطلبت مركزها وغايتها لأمرين : | صلاحية الآلات للاستعمال في الاستكمال وفراغها عن تخصيص البدن بالإقبال لقلة | الأشغال ، لكنها ما دامت سن النمو باقية وزيادة الآلاف في القوة والشدة ممكنة ما | توجهت بالكلية إلى الجهة العلوية وما تجردت لتحصيل الكمالات العقلية والمطالب | القدسية للاشتغال المذكور وإن قل وذلك إلى منتهى الثلثين من السن كما تبين في علم | الطب ، فلما جاوزتها وأخذت في سن الوقوف أقبلت إلى عالمها وأشرقت أنوار فطرتها | فاشتدت في طلب كمالها لوقوع الفراغ لها إليها ، فأخذ كافل الأيتام الحقيقية الذي هو | روح القدس أن آنس رشدها في دفع أموالها التي هي الحقائق والمعارف والعلوم | والحكم إليها ، لبلوغها نكاح الغواني من المفارقات القدسية والنورانيات الجبروتية وذلك | وقت سيرها في صفات الله إلى ذات الله حتى الفناء التام بالاستغراق في عين الجمع | لإمكان السير في أفعاله من وقت الأشد الصوري إلى أشد هذا الأشد المعنوي الذي | نهايته الأربعون تقريبا . ولهذا قيل : الصوفي بعد الأربعين أبذ ، إذ لم يستعد بالتوجه | والطلب والسير في الأفعال بالتزكية لقبول تلك الأموال والتصرف فيها فلم يأنس روح | القدس منه الرشد فلم يدفع إليه ، وإذا تم سيره في الله عند ذلك الأشد بالفناء فيه كان | وقت البقاء بعد الفناء وأوان الاستقامة في العمل . | | وأشار إليها بقوله : ! 2 < رب أوزعني > 2 ! ولهذا لم يبعث نبي قط إلا بعد الأربعين سوى | عيسى ويحيى ومع ذلك وقفا في بعض السموات . ولما كانت النعم أوابد يجب تقييدها | بالشكر استوزع الشكر على نعمة الكمال الحاصل المسبوق بالنعم الغير المتناهية | لمحافظتها لئلا يحتجب برؤية الفناء فيترك الطاعة تبرما لحاله واتكالا على كماله ، فإن آفة | مقام الفناء رؤية الفناء والمبتلى بها يقع في التلوين ويحرم نعمة التمكين ، ولهذا قال عليه | السلام : ' أفلا أكون عبدا شكورا ' . فطلب محافظة نعمة الهداية والكمال عليه بإيقافه على | الطاعات التي هي شكر نعمته التي أنعم بها عليه وعلى والديه اللذين هما السبب القريب | لوجوده إذ لو لم يكن فيهما خير وخلق حسن وسر صالح لم يظهر عليه ذلك الكمال | لأنه سرهما ولهذا وجب الإحسان والدعاء بالوالدين ولهما ! 2 < وأن أعمل صالحا > 2 ! بتكميل | المستعدين فإن الواجب على الكامل أولا محافظة كماله ثم تكميل المستكملين ، إذ | العمل إنما هو من الأمور النسبية فربما كان صالحا بالنسبة إلى أحد سيئا بالنسبة إلى | غيره ، كما قال : ' حسنات الأبرار سيئات المقربين ' . ولهذا قال : ! 2 < وأصلح لي في ذريتي > 2 ! أي : أولادي الحقيقية سواء كانوا صلبية أو لا لأن علمه الصالح الذي هو | التكميل وتربية المريدين لا ينجع إلا بعد تهيئ استعدادهم والصلاح في أعمالهم | وأحوالهم وذلك من فيضة الأقدس ، ولو لم يكن هذا الصلاح والقبول التام الذي لا |