@ 58 @ | الوحدة عن وحشة الهوى ، وتعلق الكثرة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( ( الصلاة بعد الصلاة | كفارة ما بينهما من الصغائر إذا اجتنبت الكبائر ) ) . ألا ترى كيف أمرهم عند الحدث | الأكبر ومباشرة الشهوة بتطهير الغسل ، وعند الأصغر بالوضوء ، وعند الاشتغال | بالأشغال الدنيوية في ساعات اليوم والليل بالصلوات الخمس المزيلة لكدورات | الحواس الخمس الحاصلة في النفس بسببها ، كل بما يناسبه ، فلذلك وضعوا بإزاء | وحشة تفرقة الأسبوع وظلمة انفرادهم بدؤوب الأشغال والمكاسب ، والملابس البدنية ، | والملاذ النفسانية ، اجتماع يوم وادد على العبادة والتوجه لتزول وحشة التفرقة بأنس | الاجتماع وتحصل بينهم المحبة والأنس وتزول ظلمة الاشتغال بالأمور الدنيوية | والإعراض عن الحق بنور العبادة والتوجه ، ويحصل لهم التنور فوضع لليهود أول أيام | الأسابيع لكونهم أهل المبدأ والظاهر ، وللنصارى بعده لأنهم أهل المعاد والروحاني | والباطن المتأخرين عن المبدأ والظاهر بالنسبة إلينا ، وللمسلمين آخرها الذي هو يوم | الجمعة لكونهم في آخر الزمان أهل النبوة الخاتمة وأهل الوحدة الجامعة للكل ، وإن | جعل السبت آخر الأيام - على ما نقل أنه السابع - فبالنسبة إلى الحق تعالى لأن عالم | الحس الذي إليه دعوة اليهود هو آخر العوالم ، وعالم العقل الذي إليه دعوة النصارى | أولها ، والجمعة هي يوم الجمع والختم ، فمن لم يراع هذه الأوضاع والمراقبات أصلاً | زال نور استعداده ، فمسخ كما مسخت أصحاب السبت . نهوا عن الصيد ، أي : إحراز | الحظوظ النفسانية واقتنائها في يوم السبت ، فاحتالوا فيه فاتخذوا حياضاً على ساحل | البحر ليحبسوا فيها الحيتان ويصطادوها يوم الأحد . أي : ادخروا في سائر أيام الأسبوع | من ماء بحر الهيولى الجرمية والجرمانيات المادية في حياض بيوتهم فجمعوا بها أنواع | المطاعم والمشارب والملاذ والملاهي ، فاجتمع لهم كل الحظوظ النفسانية في يوم | السبت ما اكتفوا به سائر أيام الأسبوع ليفرغوا فيها إلى الاشتغال بالمكاسب والصناعات | والمهن ، كما هو عادة اليهود اليوم وشطار المسلمين في الجماعات فإن أكثر فسقهم | فيها ، فذلك اعتيادهم في السبت وهو يدل على أن جميع أوقات حضورهم مصروفة | في هموم الدنيا وطلب حظوظ النفس والهوى . كما ترى اليوم واحدا من المسلمين | قالبه في المسجد في الصلاة وقلبه في السوق في المعاملة ، حتى قال أحدهم : جريدة | حسابي هي الصلاة : أي : إذا فرغت من أشغال الدنيا إلى الصلاة أخذ قلبي في تصفح | تجاراتي وما لي على الناس وما للناس علي ، وذلك موجب للانحطاط عن العالم | العلوي الإنساني إلى الأفق السفلي الحيواني . وهو معنى قوله : | ! 2 < فقلنا لهم كونوا قردة > 2 ! أي : مشابهين الناس في الصورة وليسوا بهم |