@ 304 @ | والسعيد إلى حيث قدر له فيما يزاوله ! 2 < لقضي بينهم فيما فيه يختلفون > 2 ! عاجلاً ولميز | السعيد من الشقي ، والحق من الباطل من أديانهم ومللهم ولكن حكمة الله اقتضت أن يبلغ | كل منهم وجهته التي ولى وجهه إليها بأعماله التي يزاولها هو وإظهار ما خفي في نفسه . | | [ تفسير سورة يونس من آية 21 إلى آية 22 ] | | ! 2 < وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء > 2 ! قد مر أن أنواع البلاء من الضراء | والبأساء وصنوف اللأواء تكسر شرة النفس ، وتلطف القلب بكشف حجب صفات | النفس وترقيق كثافات الطبع ورفع غشاوات الهوى ، فلذا تنزع قلوبهم بالطبع إلى | مبدئها في تلك الحالة لرجوعها إلى مقتضى فطرتها حينئذ وعودها إلى نوريتها الأصلية | وقوتها الفطرية وميلها إلى العروج الذي هو في سنخها لزوال المانع بل الميل إلى | الجهة العلوية والمبادئ النورية مفطور في طباع القوى الملكوتية كلها . حتى النفس | الحيوانية لو تزكت عن الهيئات البدنية الظلمانية فإن التسفل من العوارض الجسمانية | حتى أن البهائم والوحوش إذا اشتدت الحال عليها في أوقات المحل وأيام الجدب | اجتمعت رافعة رؤوسها إلى السماء كأن ملكوتها يشعر بنزول الفيض من الجهة العلوية | فتستمد منها فكذا إذا توافرت على الناس النعم الظاهرة وتكاملت عليهم الأمداد | الطبيعية والمرادات الجسمانية قويت النفس من مدد الجهة السفلية واستطالت قواها | بالترفع على القلب وتكاثف الحجاب وغلظ وتسلط الهوى وغلب ، وصارت السلطنة | للطبيعة الجسمانية ، وارتكمت الهيئات البدنية الظلمانية فتشكل القلب بهيئة النفس وقسا | وغلظ وطغى ، وأبطرته النعمة فكفر وعمى ومال إلى الجهة السفلية لبعده عن الهيئة | النورية حينئذ . وبقدر استيلاء النفس على القلب يستولي الوهم على العقل ، فتستولي | الشيطنة لكون القوة العاقلة أسيرة في قيد الوهم مأمورة له يستعملها في مطالبه | ويستسعيها في مآربه من تحصيل لذات النفس وإمدادها من عالم الرجس وتقوية | صفاتها بأهب عالم الطبع وعدد مواد الحظ بالفكر ، فيحتجب القلب بالرين عن قبول | صفات الحق بالكلية ، وذلك معنى قوله : ! 2 < إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا > 2 ! | | بإخفاء القهر الحقيقي في هذا اللطف الصوري وتعبية عذاب نيران الحرمان وحيات | هيئات الرذائل والعقارب السود ولباس القطران في هذه الرحمة الظاهرة . |