@ 305 @ | | ! 2 < إن رسلنا يكتبون ما تمكرون > 2 ! قد علمت أن الملكوت السماوية تنتقش بكل | حادثة تقع في هذا العالم فكل عمل حسن أو قبيح يصدر عن أحد فقد كتب عليه في | تلك الألواح وقد اتصل ملكوت كل بدن بتلك المبادئ الملكوتية فمتى هممنا بحسنة | أو سيئة ارتسمت صورته في ملكوت أبداننا على سبيل الخاطر أولاً ثم أخذنا في الفكر | فيه ، فإن استحكم النقش وانبعثت منه العزيمة حتى امتثلنا الخاطر الأول بالإرادة | الجازمة انطبع بإقدامنا على الفعل إلا أنه إن كان حسنة انطبع في الحال في جهة القلب | التي تلي الروح ولوح الفؤاد المنور بنوره وكتبته القوة العاقلة العملية التي هي صاحب | اليمين من الملكين الموكلين المشار إليهما بقوله تعالى : ! 2 < عن اليمين وعن الشمال قعيد > 2 ! [ ق ، | الآية : 17 ] إذ الفؤاد هو الجانب الأقوى منه وإن كان سيئة لا ينطبع في الحال لبعد | الهيئة الظلمانية من القلب وعدم مناسبته إياها بالذات ، فإن أدركه التوفيق وتلألأ عليه | نور من أنوار الهداية الروحانية ندم واستغفر فمحى عنه ، وعفى له ، وإن لم يتداركه | بقي متلجلجاً حتى أمدته النفس بظلمة صفاتها فاستقر في لوح الصدر الذي هو وجه | القلب الذي يلي النفس المظلم بظلمة النفس الغالبة عليه في صدور هذا الفعل منه | وكتبته القوة المتخيلة التي هي صاحب الشمال إذ هذا الجانب هو الأضعف وهذا هو | المراد من قولهم : صاحب الشمال لا يكتب السيئة حتى تمضي ست ساعات فإن | استغفر فيها صاحبها لم تكتب ، وإن أصر كتبته . ويفهم من هذا التقرير إيتاء الكتاب | بيمين المسلم وشمال الكافر ، وأما صورة الإيتاء وكيفيته فقد تجيء في موضعها إن | شاء الله تعالى . | | [ تفسير سورة يونس من آية 23 إلى آية 25 ] | | ! 2 < إنما بغيكم على أنفسكم > 2 ! إلى آخره ، البغي ضد العدل ، فكما أن العدل | فضيلة شاملة لجميع الفضائل وهيئة وجدانية لها فائضة من نور الوحدة على النفس | فالبغي لا يكون إلا عن غاية الانهماك في الرذائل بحيث يستلزمها جميعاً فصاحبها في | غاية البعد عن الحق ونهاية الظلمة كما قال : ' الظلم ظلمات يوم القيامة ' . فلهذا قال : | ! 2 < على أنفسكم > 2 ! ، لا على المظلوم لأن المظلوم سعد به وشقى الظالم غاية الشقاء | وهو ليس إلا متاع الحياة الدنيا إذ جميع الإفراطات والتفريطات المقابلة للعدالة |