@ 174 @ | النبيين والصديقين ) ^ الذين صدقوا بنسبة الأفعال والصفات إلى الله ، بالانخلاع عن | صفاتهم والاتصاف بصفاته ولو ظهروا بصفات نفوسهم لكانوا كاذبين ^ ( والشهداء ) ^ | أي : أهل الحضور ^ ( والصالحين ) ^ أي : أهل الاستقامة في الدين . | | ^ ( ذلك الفضل ) ^ أي : التوفيق لتحصيل الكمال الذي ناسبوا به النبيين ومن معهم | فرافقوهم . ^ ( عليماً ) ^ يعلم ما في استعدادهم من الكمال فيظهره عليهم ^ ( خذوا | حذركم ) ^ أي : ما تحذرون من إلقاء الشيطان ووساوسه وإهلاكه إياكم بالإغواء ، ومن | ظهور صفات نفوسكم واستيلائها عليكم ، فإنها أعدى عدوكم ^ ( فانفروا ثبات ) ^ اسلكوا | في سبيل الله جماعات ، كل فرقة على طريقة شيخ كامل عالم ^ ( أو انفروا جميعاً ) ^ في | طريق التوحيد والإسلام على متابعة النبي ^ ( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله ) ^ | إلى آخره ، ثبت أنهم قدريون يضيفون الخيرات إلى الله والشرور إلى الناس ، يتشبهون | بالمجوس في الثبات ، مؤثرين مستقلين في الوجود ، وإضافتهم الشرور إلى الرسول لا | إلى أنفسهم كانت لأنه باعثهم ومحرضهم على ما يلقون بسببه الشر عندهم . فأمر | الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوتهم إلى توحيد الأفعال ونفي التأثير عن الأغيار والإقرار بكونه فاعل | الخير والشر بقوله : ^ ( قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً ) ^ | لاحتجابهم بصفات النفوس وارتجاج آذان قلوبهم التي هي أوعية السماع والوعي . ثم | بين أن لله فضلاً وعدلاً ، فالخيرات والكمالات كلها من فضله ، والشرور من عدله ، | أي : يقدرها علينا ويفعلها بنا لاستعداد واستحقاق فينا يقتضي ذلك . وذلك الاستحقاق | إنما يحدث من ظهور النفس بصفاتها وارتكابها المعاصي والذنوب الموجبة للعقاب لا | بفعل آخر كما نسبوا ما أصابهم من الشر إلى الرسول ، لأن الاستحقاق مرتب على | الاستعداد ، ولا يعرض ما يقتضيه استعداد أحد لغيره ، كما قال تعالى : ^ ( ولا تزر وازرة | وزر أخرى ) ^ [ الأنعام ، الآية : 164 ] ، فكذبهم وخطأهم في قدريتهم بإثبات أن : السبب | الفاعلي للخير والشر ليس إلا لله وحده بمقتضى فضله وعدله . وأما السبب القابلي فهو | وإن كان أيضاً منه في الحقيقة إلا أن قابلية الخير هو من الاستعداد الأصلي الذي هو | من الفيض الأقدس الذي لا مدخل لفعلنا واختيارنا فيه ، وقابلية الشر من الاستعداد | الحادث بسبب ظهور النفس بالصفات والأفعال الحاجبة للقلب ، المكدرة لجوهره ، | حتى احتاج إلى الصقل بالرزايا والمصائب والبلايا والنوائب لا من قبل الرسول أو | غيره . | | تفسير سورة النساء من آية 97 إلى آية 99 |