غَرَّكِ أَنْ تَقارَبَتْ أَبَا عِرِي ... وأَنْ رَأَيْتِ الدَّهْرَ ذا الدَّوائِرِ وتَقَارَبَ الزَّرْعُ : إِذا دنا إِدْراكُه ومنه الحديثُ الصَّحيحُ المشهور : إِذا تَقَارَبَ وفي روايةٍ : اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ قال أَهْلُ الغَرِيب : المُرادُ آخِرُ الزَّمانِ وقال ابن الأَثير : أُراهُ اقْتِرابَ السّاعَةِ لأَنَّ الشَّيْءَ إِذا قَلَّ تقاصَرَتْ أَطْرَافُهُ . يقال للشَّيْءِ إِذا وَلَّي وأَدْبَرَ : تَقَارَبَ كما تَقدَّم ؛ أَو المُرادُ اعِتدالُ أَي : استِواءُ اللَّيْلِ والنَّهَار . ويزعُم العَابِرُونَ لِلرُّؤْيا أَنَّ أَصْدقَ الأَزمانِ لوُقُوعِ الِعبَارة بالْكسر وهو التّأويل والتّفسير الّذي يَظهَرُ لأَرْبَابِ الفِرَاسة وَقْتُ انْفِتاقِ الأَنْوارِ أَي : بُدُوِّها وَقْتُ إِدْراكِ الثِّمارِ وحينئذٍ يَستوِى اللَّيْلُ والنَّهَارُ ويَعتدلانِ أَو المُرَاد زَمَنُ خُرُوجِ الإِمامِ القائمِ الحُجَّةِ المَهْديّ عليه السَّلام حِينَ يتقارَبُ الزّمانُ حتّى تَكُونَ السَّنةَُ كالشَّهْرِ والشَّهْرُ كالجُمُعَةِ والجُمُعَةُ كاليَوْمِ كما ورد في الحديث أَراد : يَطِيبُ الزَّمانُ حتّى لا يُستطالَ و يُسْتَقْصَرُ لاسْتِلْذاذِه وأَيّامُ السرورِ والعافيةِ قَصِيرَةٌ . وقيل : هو كنايةٌ عن قِصَرِ الأَعْمَارِ . وقِلَّة الَبرَكَةِ . أَنشد شيخُنا أَبُو عبدِ الله الفاسِيُّ في حاشيته قال : أَنشد شيخُنا أَبو محمّدٍ المسناوِيُّ في خطبة كتابٍ أَلَّفَهُ لسلطان العَصْر مولاي إِسماعيل ابْنِ مولاي علي الشَّريف الحَسَنّي C تعالَى : .
وأَقَدْتَ من جُرْحِ الزَّمَانِ فكُذِّبَتْ ... أَقْوَالُهمْ : جُرْحُ الزَّمانِ جُبَارٌ .
وأَطَلْتَ أَيَّامَ السُّرُورِ فلم يُصِبْ ... من قالَ : أَيَّامُ السُّرُورِ قِصارُ والَّتقْرِيبُ : ضَرْبٌ من العَدْوِ قاله الجَوْهَرِيُّ أَو هو : أَنْ يَرْفَعَ يَدَيهِ مَعاً ويَضَعَهُما مَعاً نقل ذلك عن الأَصْمَعِيّ وهو دُونَ الحُضْرِ كذا في الأَساس وفي حديث الهِجرة : " أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُها فرفَعْتُها تُقَرِّب بي " قَرَّب الفَرَسُ يُقَرِّب تَقْرِيباً : إِذا عَدَا عَدْواً دُونَ الإِسراعِ . وقال أَبو زيد إِذا رجَمَ الأَرْضَ رَجْماً فهو التَّقْرِيبُ ويقال : جَاءَنا يُقَرِّبُ به فَرسُهُ . والتَّقْرِيبُ في عَدْوِ الفَرَسِ ضَرْبانِ : الَّتقْرِيِب الأَدْنَى وهو الإِرْخاءُ والتَّقْرِيبُ الأَعْلَى وهو الثَّعْلَبِيّةُ . ونقل شيخُنا عن الآمِدِيّ في كتاب المُوَزانة له : التّقْريبُ من عَدْوِ الخيلِ معروفٌ : والخَبَبُ دُونَه قال : وليس التَّقْرِيبُ من وصْفِ الإِبِلِ وخَطَّأَ أَبا تَمّامٍ في جعله من وصْفِها قال : وقد يكونُ لأَجناسٍ من الحيوان ولا يكون للإِبل قال : وإِنَّا ما رأَينا بعيراً قطّ يُقَرِّبُ تقريبَ الفَرَسِ . ومن المجاز : التَّقْرِيبُ وهو أَنْ يَقُولَ : حَيَّاكَ اللهُ وقَرَّبَ دارَك وتقولُ : دخَلْتُ عليه فأَهَّلَ ورَحَّبَ وحَيَّا وقَرَّبَ . وفي حديث المَوْلِد : " خرَجَ عبدُ اللهِ بْنُ عبدِ المُطَّلِبِ أَبو الَّنبيّ A ذاتَ يوم مُتَقَرِّباً مُتَخَصِّراً بالبَطْحَاءِ فَبصُرتْ به لَيْلَى العَدَوِيةُ " يقال : تَقرَّبَ إِذا وَضَعَ يَدَهُ على قُرْبِهِ أَيْ : خاصرته وهو يمشِى وقيل مُتَقَرِّباً أَي مُسرعاً عَجِلاً . ومن الْمَجاز : تقول لصاحبِك تَستحثُّه : تَقَرَّبْ يا رَجُلُ أَيْ : اعْجلْ وأَسْرِع . رواه أَبو سعيدٍ وقال سَمِعْتُه من أَفواههم وأَنشد .
يا صاحبَيَّ تَرَحَّلاَّ وتَقَرَّبَا ... فَلَقَدْ أَنَى لِمُسافِرٍ أنْ يَطْرَبَا