وقولهم استوى فلان على عمالته واستوى يأمر ( و ) من ذلك استوى ( الرجل ) إذا ( بلغ أشده ) فعلى هذا قوله تعالى ولما بلغ أشده واستوى يكون استوى عطف تفسير ( أو ) بلغ ( أربعين سنه ) وبه فسرت الاية وفى الصحاح استوى الرجل إذا انتهى شبابه وفى التهذيب المستوى من الرجال الذى بلغ الغاية من شبابه وتمام خلقه وعقله وذلك بتمام ثمان وعشرين الى تمام ثلاثين ثم يدخل في حد الكهولة ويحتمل كون بلوغ الاربعين غاية الاستواء وكمال العقل ولا يقال في شئ من الاشياء استوى بنفسه حتى يضم الى غيره فيقال استوى فلان وفلان الا في معنى بلوغ الرجل النهاية فيقال استوى ومثله اجتمع ( و ) إذا عدى الاستواء بالى اقتضى معنى الانتهاء إليه اما بالذات أو بالتدبير وعلى الثاني قوله D ثم استوى ( الى السماء ) وهى دخان قال الجوهرى أي ( صعد ) وهو تفسير ابن عباس ويعنى بقوله ذلك أي صعد أمره إليه قاله أبو اسحق ( أو عمد ) إليها ( أو قصد ) إليها كما تقول فرع الامير من بلد كذا ثم استوى الى بلد كذا معناه قصد الاستواء إليه قاله أبو اسحق ( أو أقبل عليها ) عن ثعلب وقال الفراء من معاني الاستواء أن يقول كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى على والى يشاتمنى على معنى أقبل فهذا معنى ثم استوى الى السماء ( أو استولى ) وظهر نقله الجوهرى ولكنه لم يفسر به الا آية المذكورة قال الراغب ومتى ما عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء كقوله D الرحمن على العرش استوى منه قول الاخطل أنشده الجوهرى قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق ثم قال الراغب وقيل معناه ثم استوى كل شئ في النسبة إليه فلا شئ أقرب إليه من شئ إذ كان D ليس كالاجسام الحالة في مكان دون مكان ( ومكان سوى كغنى وسى كزى ) أي ( مستو ) طرفاه في المسافة ( وسواه تسوية وأسواه جعله سويا ) ومنه قوله تعالى فسواهن سبع سموات قال الراغب تسوية الشئ جعله سواء اما في الرفعة أو في الضعة وقوله تعالى الذى خلقك فسواك أي جعل خلقك على ما اقتضت الحكمة وقوله تعالى ونفس وما سواها اشارة الى القوى التى جعلها مقوية للنفس فنسب الفعل إليها وقد ذكر في غير هذا الموضع ان الفعل كما ينسب الى الفاعل يصح أن ينسب الى الالة وسائر ما يفتقرا الفعل إليه نحو سيف قاطع قال وهذا الوجه أولى من قول من قال أراد ونفس وما سواها يعنى الله تعالى فان ما لا يعبر به عن الله تعالى إذا هو موضوع للجنس ولم يرد به سمع يصح وأما قوله D الذى خلق فسوى فالفعل منسوب إليه وكذا قوله فإذا سويته ونفخت فيه من روحي وقوله تعالى رفع سمكها فسواها يتضمن بناءها وتزيينها المذكور في قوله D انا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وقوله تعالى بلى قادرين على أن نسوي بنانه قيل نجعل كفه كخف الجمل لا أصابع لها وقيل بل نجعل أصابعه كلها على قد واحد حتى لا ينتفع بها وذلك ان الحكمة في كون الاصابع متفاوته في القدر والهيئة ظاهرة إذ كان تعاونها على القبض أن يكون كذلك وقوله تعالى بذنبهم فسواها أي سوى بلادهم بالارض نحو خاوية على عروشها ( واستوت به الارض وتسوت وسويت عليه ) كله ( أي هلك فيها ) ومنه قوله تعالى لو تسوى بهم الارض وفسره ثعلب فقال معناه يصيرون كالتراب وقال الجوهرى أي تستوى بهم وقول الشاعر طال على رسم مهدد أبده * وعفا واستوى به بلده فسره ثعلب فقال صار كله جدبا ( وأسوى ) الرجل ( كان خلقه وخلق والده سواء ) صوابه كان خلقه وخلق ولده سويا وقال الفراء إذا كان خلق ولده سويا وخلقه أيضا ونقله أبو عبيد أيضا ولكن في لفظه اضطراب ( و ) أسوى إذا ( أحدث ) من أم سويد وهى الدبر قاله أبو عمرو ( و ) أسوى إذا ( خزى ) وهو من السوأة ( و ) أسوى ( في المرأة ) إذا ( أوعب ) أي أدخل ذكره كله في الفرج ( و ) أسوى ( حرفا من القرآن أسقط وترك وأغفل ) من أسويت الشئ إذا تركته واغفلته ومنه حديث ابى عبد الرحمن السلمى ما رأيت أحد أقرأ من على رضى الله تعالى عنه صلينا خلفه فاسوى برزخا ثم رجع إليه فقرأه ثم عاد الى الموضع الذى كان انتهى إليه .
والبرزخ الحاجز بين الشيئين وقال الجوهرى هكذا حكاه أبو عبيد وأنا أرى ان أصل هذا الحرف مهموز * قلت وذكر الازهرى ذلك أيضا فقال أراه من قولهم أسوأ إذا أحدث وأصله من السوأة وهى الدبر فترك الهمز في الفعل انتهى وقال ابن الاثير وكذلك الاسواء في الحساب وفى الرمى وذلك إذا أسقط وأغفل وقال الهروي يجوز أشوى بالشين المعجمة بمعنى أسقط ولكن الرواية بالسين ( وليلة السواء ليلة اربع عشرة ) كما في المحكم ( أو ) ليلة ( ثلاث عشرة ) وفيها يستوى القمر وهذا قول الاصمعي نقله الازهرى والجوهري ( وهم ) في هذا الامر ( على سوية ) كغنية أي على ( استواء ) واعتدال ( والسوية كغنية ) شبه البرذعة ( من مراكب الاماء والمحتاجين ) أي ذوى الحاجة والفقر وكذلك الذى يجعل على ظهر الابل الا أنه كالحلقة لا جل السنام وتسمى الحوية ( أو كساء محشو بثمام ) أو ليف أو نحوه وأنشد الجوهرى لعبد الله بن عنمة الضبى ازجر حمارك لا تنزع سويته * اذن يرد وقيد العير مكروب والجمع سوايا ( وأبو سوية ) الانصاري ويقال الجهنى ( صحابي ) حديثه في السحور روى عنه عبادة بن نسى ( و ) أبو سوية ( عبيد ابن سوية بن أبى سوية الانصاري مولاهم ) كان فاضلا روى عنه حيوة بن شريح وعمرو بن الحرث وغيرهما قيل انه توفى سنة 135 قاله ابن ما كولا * قلت وهو من رجال أبى داود ووقع اختلاف في كنيته وفى اسمه ففى بعض الروايات أبو سودة وهو وهم