إذا ما كنت ملتمسا لغوث * فلا تصرخ بكنتى كبير فليس بمدرك شيأ بسعي * ولا سمع ولا نظر بصير وفى الحديث أنه دخل المسجد وعامة أهله الكنتيون هم الشيوخ الذين يقولون كنا كذا وكان كذا وكنت كذا ونقل ثعلب عن ابن الاعرابي قيل لصبية من العرب ما بلغ الكبر من أبيك قالت قد عجن وخبز وثنى وثلث وألصق وأورص وكان وكنت ( وتكون كان زائدة ) ولا تزاد أولا وانما تزاد حشوا ولا يكون لها اسم ولا خبر ولا عمل لها كقول الشاعر بالله قولوا بأجمعكم * يا ليت ما كان كان لم يكن وكقوله سراة بنى أبى بكر تساموا * على كان المسومة العراب وروى الكسائي عن العرب نزل فلان على كان ختنه أي على ختنه وأنشد الفراء * جادت بكفى كان من أرمى البشر * أي جادت بكفى من هو من أرمى البشر قال والعرب تدخل كان في الكلام لغو افتقول مر على كان زيد يريدون مر على زيد قال الجوهرى وقد تقع زائدة للتوكيد كقولك زيد كان منطلق ومعناه زيد منطلق وأما قول الفرزدق فكيف إذا مررت بدار قوم * وجيران لنا كانوا كرام فزعم سيبويه ان كان هنا زائدة وقال أبو العباس ان تقديره وجيران كرام كانوا لنا قال ابن سيده وهذا أسوغ لان كان قد عملت ههنا في موضع الضمير وفى موضع لنا فلا معنى لما ذهب إليه سيبويه من أنها زائدة هنا ( وكان عليه كونا وكيانا ) ككتاب ( واكتان تكفل به ) قال الكسائي اكتنت به اكتينانا والاسم منه الكيانة وكنت عليه أكون كونا تكفلت به وقيل الكيانة المصدر كما شرح به شراح التسهيل ( و ) يقال ( كنت الكوفة ) أي ( كنت بها ومنازل ) أقفرت ( كأن لم يكنها أحد ) أي ( لم يكن بها ) أحد وتقول إذا سمعت بخبر فكنه أو بمكان خير فاسكنه وتقول كنتك وكنت اياك كما تقول ظننتك زيدا وظننت زيدا اياك تضع المنفصل في موضع المتصل في الكناية عن الاسم والخبر لانهما منفصلان في الاصل لا نهما مبتدأ وخبر قال أبو الاسود الدؤلى دع الخمر تشربها الغواة فانني * رأيت أخاها مجز يا بمكانها فان لا يكنها أو تكنه فانه * أخوها غذته أمه بلبانها يعنى الزبيب ( و ) تكون كان ( تامة بمعنى ثبت ) وثبوت كل شئ بحسبه فمنه الازلية كقولهم ( كان الله ولا شئ معه وبمعنى حدث ) كقول الشاعر ( إذا كان الشتاء فأ دفئونى ) * فان الشيخ يهرمه الشتاء وقيل كان هنا بمعنى جاء ( وبمعنى حضر ) كقوله تعالى ( وان كان ذو عسرة ) فنظرة الى ميسرة ( وبمعنى وقع ) كقوله ( ما شاء الله كان ) وما لم يشأ لم يكن وحينئذ تأتى باسم واحد وهو خبرها ومنه قولهم كان الامر وكانت القصة أي وقع الامر ووقعت القصة وهذه تسمى التامة المكتفية وقال الجوهرى كان إذا جعلته عبارة عما مضى من الزمان احتاج الى خبر لانه دل على الزمان فقط .
تقول كان زيد عالما وإذا جعلته عبارة عن حدوث الشئ ووقوعه استغنى عن الخبر لانه دل على معنى وزمان تقول كان الامر وأنا أعرفه مذ كان أي مذ خلق قال مقاس العائذى فدى لبنى ذهل بن شيبان ناقتي * إذا كان يوم ذو كواكب أشهب ( وبمعنى أقام ) كقول عبد الله بن عبد الاعلى كنا وكانو فما ندرى على وهم * أنحن فيما لبثنا أم هم عجلوا وكان يقتضى التكرار والصحيح عند الاصوليين أن لفظه لا يقتضى تكرار الالغة ولا عرفا وان صحح ابن الحاجب خلافه وابن دقيق العيد اقتضاءها عرفا كما في شرح الدلائل للفاسى C تعالى عند قوله كان إذا مشى تعلقت الوحوش بأذياله ( و ) من أقسام كان الناقصة أن تأتى ( بمعنى صار ) كقوله تعالى ( وكان من الكافرين ) قال ابن برى ومنه قوله تعالى أيضا كنتم خير أمة ومنه قوله تعالى فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان وقوله تعالى وكانت الجبال كثيبا مهيلا وقوله تعالى وما جعلنا القبلة التى كنت عليها أي صرت إليها وقوله تعالى كيف نكلم من كان في المهد صبيا وقال شمعلة بن الاخضر فخر على الا لاءة لم يوسد * وقد كان الدماء له خمارا * قلت ومنه أيضا في حديث كعب رضى الله تعالى عنه كن أبا خيثمة أي صره يقال للرجل يرى من بعد كن فلانا أي أنت فلان أو هو فلان وقال أبو العباس اختلف الناس في قوله تعالى كيف نكلم من كان في المهد صبيا فقال بعضهم كان هنا صلة ومعناه كيف نكلم من هو في المهد صبيا وقال الفراء كان هنا شرط وفى الكلام تعجب ومعناه من يكن في المهد صبيا فكيف يكلم ( و ) بمعنى ( الاستقبال ) كقوله تعالى ( يخافون يوما كان شره مستطيرا ) ومنه قول الطرماح وانى لا تيكم تشكر ما مضى * من الامر واستنجاز ما كان في غد وقول سلمة الجعفي وكنت أرى كالموت من بين ساعة * فكيف ببين كان ميعاده الحشرا