لأَنَّ المَفْعَلَ من ذَوات الثَّلاَثَة - نحو كَالَ يَكِيل - إِنْ أُرِيدَ بهِ الاسم مكْسُورٌ والمَصْدَر مَفْتُوح ولو فَتَحْتَهُمَا أَو كَسَرْتَهُمَا في الاسْم والمَصْدَر جَمِيعاً لَجَازَ ؛ لأَنَّ العرَبَ تقول : المَسَارُ والمَسِيرُ والمَعَاشُ والمَعِيشُ والمَعَابُ والمَعِيبُ . وجَمعُ العَيْبِ أَعْيَابٌ وعُيُوبٌ الأَوَّل عن ثَعْلَب وأَنْشَد : .
كَيْمَا أَعُدَّكُمُ لأَبْعَدَ مِنْكُمُ ... ولقد يُجَاءُ إِلَى ذَوِي الأَعْيَابِ ورواه ابنُ الأَعْرَابِيّ : إِلى ذَوِي الأَلْبَابِ . وعَاب الشَّيْءُ والحائطُ عَيْباً وعِبْتُه أَنَا وَعَابَهُ عَيْباً وعَاباً لاَزِمٌ ومُتَعَدّ وهو مَعِيبٌ ومَعْيُوبٌ الأَخِيرُ على الأَصْل . وقال أَبو الهَيْثَم في قَوْلِه تَعَالَى : فأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها أَي أَجْعَلَهَا ذَاتَ عَيْب يَعْني السفِينَةَ قال : والمُجَاوِزُ واللاَّزم فيه سواءٌ واحد . ورجُلٌ عُيَبَةٌ كهُمَزَة وَعَيَّابٌ كشَدَّاد وعَيَّابَةٌ كعَلاَّمَة والهَاءُ للمُبَالَغَة : كَثيرُ العَيْبِ لِلنَّاسِ . قال : .
" اسْكُت ولا تَنْطقْ فأَنْتَ خَيَّابْ .
" كُلُّك ذُو عَيْبٍ وأَنْتَ عَيَّابْ وقال : .
" وَصاحِب لي حَسَنِ الدِّعَابَهْ .
" ليس بِذي عَيْب ولا عَيّابَه والعَيْبَةُ : زَبِيلٌ كأَمِير مِنْ أَدَم مُحَرَّكة يُنْقَل فيه الزرْعُ المَحْصُودُ إِلى الجُرْن في لغة هَمْدَان . العَيْبَةُ : ما يُجْعَلُ فِيه الثِّيَابُ . وَوِعَاءٌ من أَدَم يَكُونُ فيه المَتَاعُ . العَيْبَةُ مِن الرَّجُلِ هو مَوْضِعُ سِرّه على المَثَل . وفي الحديثِ الأَنْصَارُ عَيْبَتي وكَرِشِي أَي خَاصَّتِي ومَوْضِعُ سِرِّي . ج : عِيَبٌ كبَدْرة وبِدَر وعِيَابٌ بالكَسْر وعِيَباتٌ بكَسْر فَفَتْح . والعِيَابُ : الصُّدُور والقُلوبُ كِنَايَةٌ أَي أَن العرب تَكْنِي عن الصُّدُورِ والقَلُوب التي تَحْتَوِي على الضَّمَائر المُخْفَاة بالعِياب وذلك أَنَّ الرجلَ إِنَّمَا يَضَعُ في عَيْبَته حُرَّ مَتَاعِه وثِيَابِه وَيَكْتُم في صدره أَخصَّ أَسرَارِه التي لا يُحِبّ شُيوعَها فسُمِّيت الصدُورُ عِيَاباً تَشْبِيهاً بعيَابِ الثِّيَاب . ومنه قولُ الشَّاعر : .
وكادَت عِيابُ الوُدِّ منّا ومنْكُمُ ... وإِنْ قيلَ أَبنَاءُ العُمُومَةِ تَصْفَرُ أَرادَ بِعيَابِ الوُدِّ صُدُورَهَم . وفي الحَديث أَنَّه أَمْلَى في كِتَاب الصُّلْح بَيْنَه وَبَيْنَ كفّار أَهْلِ مَكَّة بالحُدَيْبيَة لا إِغْلاَلَ ولا إِسْلاَل وَبَيْنَنَا وبَيْنَهُم عَيْبَةٌ مَكفُوفَة رُوِي عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ أَنَّه قال : معناه بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم في هذا الصُّلْح صَدْرٌ معقودٌ على الوَفَاءِ بِمَا في الكِتَاب نَقِيٌّ من الغِلّ والغَدْر والخِدَاعِ والمَكْفُوفَةُ : المُشْرَجَةُ المَعْقُودَة . قال الأَزْهَرِيُّ : وقرأْتُ بخَطّ شَمِر : قال بَعْضُهُم : أَراد به : الشّرُّ بينَنَا مَكْفُوفٌ كما تُكَفُّ العَيْبَةُ إِذا شُرِّجَت . وقيل : أَرادَ أَن بَيْنَهُم مُوادَعَةً ومُكَافّةً عن الحَرْبِ يَجْرِيانِ مَجْرَى المودَّةِ التي تَكُونُ بين المُتَصافِين الذين يَثِق بَعضُهم إِلى بعض . العِيَابُ : المِنْدَفُ بالكَسْر . قال الأَزْهَرِيّ : لَمْ أَسْمَعْه لغيرِ اللَّيْث . والعَائِبُ : الخاثرُ مِنَ اللَّبَن . و مِنْه يُقَالُ : قد عَابَ السِّقَاءُ أي إِذَا خَثُر مَا فِيه من اللَّبَن وأُعْيَبٌ كَجُنْدَب : ع باليَمَنِ أَي على طَرِيقهِ وهو فُعْيَلٌ وقد سبَقَ في كلاَم المُصَنِّف في ع ل ب أَنَّه ليس في كَلاَمِهم فُعْيَلٌ غير عُلْيَب ولو كَانَ أُعْيَبٌ فُعْيلاً لوجَبَ ذكرُه في الهَمْزة قاله شيخُنا وهو ظَاهرٌ لمَنْ تأَمَّل . أَوْ أُفْعَلٌ وقد أُخْرِجَ على أَصْله وهو وَزْن قَليلٌ جِداً . ومما يُسْتَدْرَكُ عليه : عَيَّبَه وتَعَيَّبَه إِذا نَسَبَه إِلى العَيْب وجَعَلَه ذَا عَيْب . قال الأَعْشَى : .
وليس مُجِيراً إِنْ أَتَى الحَيَّ خائِفٌ ... ولا قائِلاً إِلاَّ هُوَ المُتَعَيَّبَا أَي ولا قائلاً القَوْلَ المَعيب إِلاَّ هو . والمُعَيَّب كمُعَظَّم : المَعْيُوب وأَنْشَد ثَعْلَب :