جَعَلَ الإِحْلاَبَ بمنزلة الإِعْطَاءِ وعَدَّى يُحْلَبُونَ إلى مفعولين في معنى يُعْطَوْن وحَلَبْتُ الرَّجُلَ أَي حَلَبْتُ له تقول منه احْلُبْنِي أَي اكْفِنِي الحَلْبَ وأَحْلَبَهُ رُبَاعِيًّا : أَعَانَه على الحَلْبِ وأَحْلَبْتُهُ : أَعَنْتُه مجاز كذا في الأَساس وسيأْتي وأَحْلَبَ الرَّجُلُ : وَلَدَتْ إبلُهُ إناثاً وأَجْلَبَ بالجيم إذا وَلَدَت له ذُكُوراً وقد تقدمتِ الإِشارةُ إليه في حرف الجيم ومنه قولُهُم أَأَحْلَبْتَ أَمْ أَجْلَبْتَ رُبَاعِيَّانِ كذا في الأُصولِ المُصَحَّحَةِ ومثلُه في المحكم وكتاب الأَمثال للميدانيّ ولسان العرب ويوجد في بعض النسخ ثُلاَثِيَّانِ كذا نقله شيخُنا وهو خطأٌ صريحٌ لا يُلْتَفَتُ إليه فمعنى أَأَحْلَبْتَ : " أَنُتِجَتْ نُوقُكَ إنَاثاً ومَعْنَى " أَمْ أَجْلَبْتَ " أَمْ نُتِجَتْ ذُكُوراً ويقالُ : مَالَهُ أَجْلَبَ وَلاَ أَحْلَبَ أَي نُتِجَتْ غبلُهُ كُلُّهَا ذُكُوراً ولا نُتِجَتْ إنَاثاً وقَوْلُهُمْ : مَالَهُ لاَ حَلَبَ وَلاَ جَلَبَ عن ابن الأَعْرَابيّ ولم يُفَسِّرْهُ قِيلَ دُعاءٌ عليه وهو المشهور وقيل : لاَ وَجْهَ له قاله ابنُ سيده ويدعو الرجل على الرجل فيقول مالَهُ لاَ أَحْلَبَ ولاَ أَجْلَبَ ومَعْنَى أَحْلَبَ أَي وَلَدَتْ إبلُه الإِنَاثَ دونَ الذكورِ ولا أَجْلَبَ إذَا دَعَا لإِبلِه أَنْ لاَ تَلِدَ الذكورَ لأَنه المَحْقُ الخَفِيُّ لذهاب اللَّبَنِ وانقِطَاعِ النَّسْلِ .
والحَلْبَتَانِ : الغَدَاةُ والعَشِيُّ عن ابن الأَعْرَابيّ وإنما سُمِّيَا بذلك لِلْحَلَب الذي يكون فيهما وعن ابن الأَعْرَابِيّ : حَلَبَ يَحْلُبُ حَلْباً إذَا جَلَسَ على رُكْبَتَيْهِ ويقال الحَلْب : الجُلُوسُ على رُكْبةٍ وأَنت تَأْكُلُ يقال احْلُبْ فكُلْ وفي الحديث " كان إذا دُعِيَ إلى الطَّعَامِ جَلَسَ جُلُوسَ الحَلَبِ " وهو الجُلُوسُ على الرُّكْبَةِ لِيَحْلُبَ الشاةَ يقال : احْلُبْ فكُلْ أَي اجلسْ وأَرَادَ به جُلُوسَ المُتَوَاضِعِينَ وذكره في الأَساس في المجاز وفي لسان العرب : ومن أَمْثَالِهِم في المَنْعِ " ليس في كلِّ حِينٍ أُحْلَب فأَشْرَب " قال الأَزهريّ : هكذا رواه المُنْذريّ عن أَبي الهَيْثم قال أَبو عُبَيْد : وهذا المَثَلُ يُرْوَى عن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ قاله في حديثٍ سُئلَ عنه وهو يُضْرَبُ في كل شيءٍ يُمْنَعُ قال : وقد يقال : " ليس كُلَّ حِينٍ أَحْلُبُ فَأَشْرَب وعن أَبي عمرٍو : الحَلْبُ : البُرُوكُ . والشَّرْبُ : الفَهْمُ يقال : حَلَبَ يَحْلُبُ حَلْباً إذا بَرَكَ وشَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إذَا فَهِمَ ويقال لِلبَلِيدِ : احْلُبْ ثُمَّ اشْرُبْ . وقدْ حَلَبَتْ تَحْلُبُ إذا بَرَكَتْ على رُكْبَتِهَا .
وحَلَبَ القَوْمُ يَحْلُبُونَ حَلْباً وحُلُوباً : اجْتَمَعُوا وتَأَلَّبُوا مِن كُلِّ وَجْهٍ وأَحْلَبُوا عَلَيْكَ : اجْتَمَعُوا وجاءوا من كُلِّ أَوْبٍ . وفي حديث سَعْدِ ابنِ مُعَاذٍ " ظَنَّ أَنَّ الأَنْصَارَ لا يَسْتَحْلِبُونَ لَهُ على ما يُرِيدُ " أَي لا يَجْتَمِعُونَ يقال : أَحْلَبَ القَوْمُ واسْتَحْلَبُوا أَي اجْتَمَعُوا للنُّصْرَةِ والإِعَانَةِ وَأَصْلُ الإِحْلاَبِ : الإِعَانَةُ عَلَى الحَلْبِ كما تقدّم وقال الأَزهريّ : إذَا جَاءَ القَوْمُ من كل وَجْهٍ فاجْتَمَعُوا لِلْحَرْبِ أَو غيرِ ذلك قيل : قد أَحْلَبُوا وأَنشد : .
إذا نَفَرٌ منهم دويَّة أَحْلَبُوا ... على عامِلٍ جاءَت مَنِيَّتُهُ تَعْدُو وعن ابن شُميل : أَحْلَبَ بَنُو فلانٍ مع بَنِي فلانٍ إذا جاءوا أَنْصَاراً لَهُم وحَالَبْتُ الرَّجُلَ إذا نَصرْتَه وعَاوَنْتَه وفي المَثَلِ " لَيْسَ لها رَاعٍ ولكِنْ حَلَبَة " يُضرَب للرجُلِ يَسْتَعِينُكَ فتُعِينُه ولا مَعُونَةَ عنده ومن أَمثالهم : " حَلَبْتَ بالسَّاعِدِ الأَشَدِّ " أَي استعنتَ بمن يقومُ بأَمْركَ ويُعْنَى بحاجَتِكَ ومن أَمثالهم " حَلَبَتْ حَلْبَتَهَا ثُمَّ أقْلَعَتْ " يُضْرَبُ مثَلاً للرجُلِ يصْخَبُ ويَجْلُبُ ثُمَّ يَسْكُتُ من غيرِ أَن يكونَ منه شيءٌ غير جَلَبَتِهِ وصِيَاحِه . هذا محلُّ ذِكْرِه لا كما فَعَلَه شيخُنَا في جُمْلة استدراكاتِه على المجْدِ في حرف الجيم