وأشْعَرهُ الأمْرَ وأشْعَرَهُ به : أعْلَمه إيّاه وفي التَّنْزيل " وما يُشْعرُكم أنّهاَ إذا جاءتْ لا يُؤْمِنون " أي وما يُدرِيكُم وأشْعَرْتُه فشعر أي أدْريْته فدرى . قال شيخنا : فشعرَ إذا دخلتْ عليه همزةُ التعْديةِ تعدَّى إلى مفعولين تارةً بنفسه وتارةً بالباءِ وهو الأكثرُ لقولهم : شَعرِ به دون شَعرَه انتهى . وحكى اللّحياني : أشْعَرْتُ بفلان : أطْلعْتُ عليه وأشْعرتُ به : أطْلعْتُ عليه انتهى فمقتضى كلامِ اللّحيانيّ أنْ أشْعرَ قد يتعدّى إلى واحدٍ فانظره . والشٍّعْرُ بالكسر وإنمَّا أهملَه لشُهْرته, هو كالعلْمِ وَزْناً ومَعْنى وقيل : هو العِلْمُ بدقائقِ الأمور وقيل : هو الإدْراكُ بالحَواسّ وبالأخير فُسِّرَ قولُه تعالى " وأنْتُم لا تَشْعُرونَ " وقال المصنَّف في البصائر : ولو قالَ في كثيرٍ مما جاءَ فيه لا يشعرون : لا يعقلون لم يكنْ يجوز إذْ كان كثيرٌ مما لا يكونُ محسوساً قد يكونُ مَعْقُولاً انتهى ثم غلبَ على منْظُومِ القولِ : لشرفه بالوزنِ والقافيةِ أي بالتزامِ وزنهِ على أوزان العربِ والإتيان له بالقافية التي تربطُ وزنه وتُظهر معناه وإن كان كلُّ عِلمٍ شِعراً من حيثُ غلبَ الفِقهُ على عِلمِ الشرع والعُودُعلى المَندل والنجمُ على الثريا ومثلُ ذلك كثيرٌ . وربما سموا البيتَ الواحدَ شِعراً حكاه الأخفشُ قال ابن سيده : وهذا عندي ليس بقوىّ إلا أن يكون على تَسمية الجُزءِ باسم الكُلّ . وعلل صاحبُ المفرداتِ غلبته على المنظومِ بكونهِ مُشتملاً على دقائقِ العربِ وخفايا أسرارها ولطائفها قال شيخنا : وهذا القولُ هو الذي مالَ إليه أكثرُ أهلِ الأدبِ لِرقتهِ وكمال مناسبتهِ ولما بينه وبينَ الشعر مُحركةً من المناسبة في الرقة كما مال إليه بعضُ أهلِ الاشتقاق انتهى .
وقال الأزهري : الشعرُ : القريضُ المحدودُ بعلاماتٍ لا يجاوزها و ج أشعارٌ . وشعر كنصرَ وكرم شعراً بالكسر وشَعراً بالفتح : قالهُ أي الشعر . أو شعرَ كنصر : قاله وشَعرَ ككرُم : أجاده قال شيخنا : وهذا القولُ الذي ارتضاه الجماهيرُ لأنّ فعلَ له دلالةٌ على السجايا التي تنشأ عنها الإجادةُ انتهى . وفي التكملة للصاغانيّ : وشَعرتُ لفُلانٍ أي قلتُ له شِعراً قال : .
شَعرتُ لَكم لما تبينتُ فضلكمْ ... على غيرِكُم ما سائرِ الناسِ يشْعُرُ . وهو شاعرٌ قال الأزهري : لأنه يشعرُ مالا يشعرُ غيره أي يعلمُ وقال غيره : لِفطنتهِ ونقلَ عن الأصمعيّ : من قومٍ شُعراءَ وهو جمعٌ على غيرِ قياس صرحَ به المصنف في البصائر تبعاً للجوهريّ . وقال سيبويه : شبهوا فاعلاً بفعيلٍ كما شبهوه بفعُول كما قالوا : صبورٌ وصبرٌ واستغنوا بفاعلٍ عن فعيلٍ وهو في أنفسهمِ وعلى بالٍ من تصورهم لما كان واقعاً موقعه وكُسرَ تكسيره ليكونَ أمارةً ودليلاً على إرادته وأنه مُغنٍ عنه وبدلٌ منه انتهى .
ونقل الفَيوميّ عن ابن خالويه : وإنما جُمعَ شاعرٌ على شُعراءَ لأن من العربِ من يقولُ شَعرَ بالضم فقياسه أن تجيءَ الصفةُ منه على فَعِيلٍ نحو شُرفاءَ جمع شريفٍ ولو قيل كذلك التبسَ بشعيرٍ الذي هو الحبُّ المعروف فقالوا : شاعر ولمحو في الجمعِ بناءه الأصلي وأما نحو العلماءَ وحُلماءَ فجمع عَليمٍ وحليمٍ انتهى