وفي البصائرِ للمُصنف : وقوله تعالى عن الكُفار " بل افتراهُ بلْ هوَ شاعِرٌ " حملَ كثير من المُفسرين على أنهم رموه بكونهِ آتياً بشعرٍ منظومٍ مُقفى حتى تأولوا ما جاءَ في القُرآن من كل كلامٍ يُشبهُ الموزُون من نحوِ " وجِفانٍ كالجوابِ وقُدُورٍ راسياتٍ " وقال بعض المُحصلين : لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به وذلك أنه ظاهرٌ من هذا أنه ليس على أساليبِ الشعرِ وليس يخفي ذلك على الأغتنامِ من العجمِ فضلاً عن بلغاءِ العرب وإنما رموه بالكذب فإن الشعرَ يُعبر بهِ عن الكذبِ والشاعرِ : الكاذب حتى سموا الأدلةَ الكاذبةَ الأدلةَ الشعريةَ ولهذا قال تعالى في وصفِ عامة الشعراءِ " والشعراءُ يَتبعهم الغاوونَ " إلى آخر السُورةِ ولكون الشعرِ مقراً للكذبِ قيل : أحسنُ الشعرِ مقراً للكذبِ قيل : أحسنُ الشعرِ أكذبه وقال بعض الحكماءِ : لم يُرَ مُتدينٌ صادقُ اللهجةِ مُفلقاً في شعره انتهى . قال يونس بنُ حبيب : الشاعرُ المُفلقُ خِنْذِيذٌ بكسر الخاءِ المُعجمة وسكون النون وإعجام الذال الثانية وقد تقدم في موضعه ومن دونه : شاعرٌ ثم شُويعرٌ مُصغراً ثم شُعْرٌورٌ بالضمّ . إلى هنا نص به يونس كما نقله عنه الصاغاني في التكملة والمصنف في البصائر ثم متشاعرٌ . وهو الذي يتعاطى قولَ الشعرِ كذا في اللسان أي يتكلفُ له وليس بذاك . وشاعرهُ فشعرهُ يشْعَرُه بالفتح أي كان أشعرَ منه وغلبه . قال شيخُنا : وإطلاقُ المصنِّف في الماضي يدلّ على أن المضارع بالضم ككتَبَ على قاعدته لأنه من باب المُغالبة وهو الذي عليه الأكثر وضبطه الجوهريُّ بالفتح كمنع ذهاباً إلى قول الكسائِيّ في إعمال الحلقيّ حتى في باب المُبالغة لأنه اختيار المصنف . انتهى . وشِعرٌ شاعرٌ : جيدٌ قال سيبويه : أرادُوا به المُبالغةَ والإجادة وقيل : هو بمعنى مشعُورٍ به والصحيحُ قولُ سيبويه .
وقد قالوا : كلمةٌ شاعِرةٌ أي قصيدةٌ والأكثرُ في هذا الضَّرب من المبالغة أن يكونَ لفظُ الثاني من لفظِ الأول كويلٍ وائلٍ وليل لائلٍ . وفي التهذيب : يقال : هذا البيتُ أشْعرُ من هذا أي أحسنُ منه وليس هذا على حدِّ قولهم : شعْرٌ شاعرٌ معنى الفعل إنما هو على النِّسبةِ والإجادة . والشويعر : لقبُ محمد بن حُمْران ابن أبي حُمْران الحارث بن مُعاوية بن الحارث بن مالك بن عَوفِ بن سعدٍ ابن عوْف بن حريم بن جُعْفيٍّ الجُعْفيَّ وهو لأحدُ منْ سُمِّي في الجاهلية بمحمد وهم سبعةٌ مذكورون في موضعهم لقبه بذلك امرؤُ القيس . وكان قد طلب منه أن يبيعه فرساً فأبى فقال فيه : .
أبْلغا عنِّي الشُّويعر أنّي ... عمَدَ عيْنٍ قلَّدْتُهن حريما وحريم : هو جدّ الشُّويْعر المذكور وقال الشويعر مُخاطباً لامريء القيس : .
أتتْني أمورٌ فكذَّبْتها ... وقد نُميتْ لي عاماً فعاما .
بأنّ امرأ القيسِ أمسى كئيباً ... على آلهِ ما يذُوقُ الطعاما .
لعمرُ أبيكَ الذي لا يهانُ ... لقدْ كان عِرضكَ مني حراما .
وقالوا هجوتَ ولم أهجه ... وهل يجدنْ فِيكَ هاجٍ مراما الشُّوَيْعرُ أيضاً : لقبُ ربيعة بن عثمانَ الكِنانيّ نقله الصاغانيّ . لقبُ هانئ بن توبة الحنفي الشيباني الشُّعراء أنشد أبو العباسِ ثعلبٌ للأخير : .
وإنّ الذي يُمسي ودنياهُ همه ... لمُسَمْسكٌ منها بِحبلِ غُرورِ