قال ابن سِيدَه : أَمَّا اذَّكَرَ وادّكَرَ فإِبدال إِدغَامٍ وهي الذِّكْر والدِّكر لما رَأَوهَا قد انقلبتْ في ادَّكَر الّذي هو الفِعْل المَاضي قَلَبُوها في الذِّكْر الذي هو جَمْع ذِكْرة . واسْتَذْكَرَه كاذَّكَره حَكَى هذِه الأَخيرةَ أَبو عُبَيْد عن أَبِي زَيْد أَي تَذكَّرَه . فقال أَبو زَيْد : أَرتَمْتُ إِذَا رَبَطْتَ في إِصبَعِه خَيْطاً يَسْتَذْكِر به حاجَتَه . وأَذْكَرَه إِيَّاه وذَكَّرَه تَذْكِيراً والاسْمُ الذِّكْرَى بالكَسْر . تقولُ : ذَكَّرتُه تَذْكرَةً وذِكْرَى غيْرَ مُجْراة وقولُه تعالى : " وذِكْرَى للمُؤْمِنِينِ " الذِّكْرَى : اسمٌ للتَّذْكِيرِ أَي أُقِيم مُقَامَه كما تقول : اتَّقَيْتَ تَقْوَى . قال الفَرّاءُ : يكون الذِّكْرَى بمَعْنَى الذِّكْر ويكون بمعنَى التَّذْكِير في قوله تعالى : " وذَكِّر فإِنَّ الذِكْرَى تَنْفَع المُؤْمِنِين " وقولُه تعالى في ص : " رحْمَةً منَّا وذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ " أَي وعِبْرة لَهُم . وقولُه تعالى : " يَتَذَّكَرُ الإِنْسَانُ وأَنَّى لَه الذِّكْرَى " أَي يَتُوب ومن أَيْن له التَّوْبَة . وقَوْلُه تعالى : " ذِكْرَى الدَار " أَي يُذََّرون بالدَّارِ الآخرةِ ويُزَهَّدُون في الدُّنْيَا ويجوز أَن يكون المَعْنَى يُكْثِرُون ذِكْرَ الآخرة كما قَالَه المُصَنِّف في البََائر . وقوله تعالى : " فأَنَّى لَهُم إِذَا جاءَتهُم ذِكْراهُم " أَي فكَيفَ لهم إِذَا جاءَتْهُم السَّاَعُة بِذِكْرَاهم والمراد بها تَذَكُّرهم واتّعاظُهم أَي لا يَنْفعُهم يَوم القِيامة عند مُشاهَدَة الأَهوال . ويقال : اجعَلْه منك على ذُكْرٍ وذِكْرٍ بمعنًى . ومازالَ مِنِّي على ذُكْرٍ بالضَّمّ ويُكْسَر ؛ والضَّمّ أَعْلَى أَي تَذَكُّرٍ .
وقال الفَرّاءُ : الذِّكْر : ما ذَكَرْتَه بلِسَانك وأَظْهَرْته . والذُّكْر بالقَلْب . يقال : مازَال مِنّي على ذُكْرٍ أَي لم أَنْسَه . واقتَصر ثَعْلبٌ في الفَصِيح على الضَّمِّ . وروَى بعضُ شُرَّاحِه الفَتْح أَيضاً وهو غَرِيب . قال شارِحُه أَبو جَعْفر اللَّبْلِيّ : يقال : أَنتَ مِنِّي على ذُكْرٍ بالضَّمّ أَي عَلَى بَالٍ عن ابْنِ السِّيد في مُثَلَّثِه . قال : وربما كَسُروا أَوَّلَه . قال الأَخطل : .
وكُنْتُمْ إِذَا تَنأَوْن عَنَّا تَعَرَّضَْ ... خَيَالاَتُكمْ أَو بِتُّ منكمْ على ذِكْرِ قال أَبُو جَعْفَر : وحَكَى اللُّغَتَيْنِ أَيضاً يَعْقُوب في الإِصلاح عن أَبي عُبَيْدة وكذلك حَكَاهُمَا يُونُس في نَوادِره . وقال ثابِت في لَحْنه : زَعمَ الأَحْمَرُ أَنَّ الضَّمّ في ذِكْر هي لُغَة قريش قال : وذَكْر بالفتح أَيضاً لُغَة . وحمكى ابنُ سِيدَه أَنَّ رَبِيعَةَ تقول : اجعَْه منك على دِكْرٍ بالدال غير معجمة واستَضْعَفَها . وتفسير المُصَنّف الذِّكْر بالتَّذَكُّر هو الذي جَزَمَ به ابنُ هِشَام اللَخْمِيّ في شَرْح الفَصِيح . ومَن فَسَّره بالبالِ فإِنَّما فَسَّرَه بالَّلازم كما قاله شيخُنا . ورَجلٌ ذَكْرٌ بفَتْح فسكون كما هو مُقْتَضَى اصْطِلاحه وذَكُرٌ بفتح فَضَمّ وذَكِيرٌ كأَمِير وذِكِّيرٌ كسِكِّيت ذو ذُكْر أََي صِيتٍ وشُهْرةٍ أَو افْتِخار الثّالِثة عن أَبي زَيْد . ويقال : رَجُل ذَكِيرٌ أَي جَيِّدُ الذِّكْرِ والحِفْظِ . والذَّكَر مُحَرَّكةً : خِلافُ الأُنثَى : ج ذُكُورٌ وذُكُورَةٌ بضَمِّهِما وهذِه عن الصّغانِيّ وذِكَارٌ وذِكَارَةٌ بكَسْرِهما وذُكْرَانٌ بالضَّمّ وذِكَرَةٌ كعِنَبة . وقال كُرَاع : ليس في الكلام فَعَلٌ يُكَسَّر على فُعُولٍ وفُعْلانٍ إِلا الذَّكَر .
والذَّكَر من الإِنسان : عُضْوٌ معروفٌ وهو العَوْفُ وهكذا ذَكَرَه الجوهريّ وغيره . قال شيخُنا : وهو من شَرْحِ الظَّاهِرِ بالغَرِيب ج ذُكُورٌ ومَذَاكِيرُ على غَيْر قِياسٍ كأَنهم فَرَّقُوا بين الذَّكَرِ الذي هو الفَحْل وبين الذَّكَرِ الذي هو العُضْو . وقال الأَخفش : هو من الجَمْع الذي لَيْس له وَاحِد مثل العَبَابِيدِ والأَبَابِيل