دَبَرَت الرِّيحُ : تَحَوَّلتَ وفي الأَسَاس : هَبَّت دَبُوراً وفي الحَدِيث . قال رسول الله A : " نُصِرْت بالصَّبَا وأُهلِكَت عادٌ بالدَّبُور " وهي - أَي الدَّبور كصَبُور وفي نسخة شَيْخنا " وهو بتَذْكِير الضَّمِير وهو غَلَطٌ كما نَبَّه عليه إذ أَسماءُ الرِّيَاح كُلِّهَا مُؤَنَّثةٌ إلاَّ الإِعْصَارَ - ريِحٌ تُقَابِل الصَّبَا . والقَبَولُ : رِيحٌ تَهُبّ من نَحْو المَغْرب والصَّبَا يُقَابِلها من ناحِيَة المَشْرِق كذا في التَّهْذِيب . وقيل : سُمِّيَت بالدَّبُور لأَنَّهَا تأْتِي من دبُرُ الكَعبة ممّا يَذْهَب نحو المَشْرق وقد رَدَّه ابنُ الأَثِير وقال : ليس بشْيءٍ وقيل : هي التي تَأْتِي من خَلْفِك إِذَا وَقفْت في القِبْلَة .
وقال ابنُ الأَعرابيِّ : مَهَبُّ الدَّبُور من مَسْقَطِ النَّسْر الطَّائرِ إلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ . وقال أَبو عَلِيّ في التّذْكِرَة : الدَّبُور : يكون اسْماً وصِفَةً فمِنَ الصِّفة قَولُ الأَعْشَى : .
لها زَجَلٌ كحَفِيف الحَصَا ... دِ صادَف باللَّيْل رِيحاً دَبُورَا ومن الاسم قولُه أَنشَده سِيبَوَيْهِ لرجُل من باهِلَة : .
رِيحُ الدَّبُور مع الشَّمَالِ وتارَةً ... رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائِبُ التَّهْتانِ قال : وكَونُها صِفَةً أَكثرُ . والجمع دُبُرٌ ودَبائِرُ . وفي مجمع الأمثال للمَيْدانيّ : وهي أَخْبَثُ الرِّياح يقال إنَّهَا لا تُلِقح شَجراً ولا تُنْشِيُء سَحاباً . ودُبِرَ الرّجلُ كعُنِىَ فهو مَدْبُورٌ : أصابَتْه رِيحُ الدًّبُورِ . وأَدْبَرَ : دَخَل فِيهَا وكذلِك سائِرُ الرِّيَاح . عن ابنِ الأَعرابيِّ : أَدْبَرَ الرَّجلُ إِذَا سافَر في دُبَارٍ بالضَّمّ يومِ الأَرْبَعَاءِ . كما سيأْتِي للمُصَنِّف قريباً وهو يَومُ نَحْسٍ وسُئِل مُجَاهِدٌ عن يوم النَّحْس فقال : هو الأَربعاءُ لا يَدُور في شَهْرِه .
من المَجاز : قال ابنُ الأَعرابيِّ : أَدْبَرَ الرّجلُ إِذَا عَرَفَ قَبِيلَه مِنْ دَبِيرِه هكذا في النُّسَخ ونَصُّ ابنِ الأَعرابيِّ : دَبِيرَه من قَبِيله ومن أَمْثَالهم : " فُلانٌ ما يَعْرِف قَبِيلَه من دَبِيرِه " أَي ما يَدْرِي شيئاً . وقال اللَّيْث : القَبِيل : فَتْل القُطْنِ والدَّبِير : فَتْل الكَتّانِ والصُّوفِ . قال أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيّ : مَعْنَاهُ طَاعَته من مَعْصِيتَه . ونصّ عِبارته : مَعْصِيتَه من طَاعَتِه كما في بَعْض النُّسَخ أَيضاً وهو مُوافِقٌ لنَصِّ ابْنِ الأَعرابيِّ . وقال الأَصمَعِيّ : القَبِيلُ : ما أَقْبَلَ مِن الفاتِل إلى حَقْوِه والدَّبِير : ما أَدْبَر به الفاتِلُ إلى رُكْبَته . وقال المُفَضَّل : القَبِيلُ : فَوْزُ القِدَاح في القِمَار والدَّبِيرُ : خَيْبَةُ القِدَاحِ وسيُذْكَر من هذا شَيْءٌ في قبل أَن شَاءَ اللهُ تعالى وسيأْتي أَيضاً في المَادَّة قَرِيباً للمُصنِّف ويَذْكُر ما فَسَّر به الجَوْهَرِيّ ونقل هنا قَوْلَ الشّيبَانِيّ وتَرَكَ الأَقْوَالَ البقَيِة تَفَقُّنناً وتَعْمِيَةً على المُطالِع . أَدْبَرَ الرَجلُ إِذَا مَاتَ كدَابَرَ الأَخير عن اللِّحْيَانيّ وأَنْشَد لأُميَّةَ بنِ أَبي الصَّلْت : .
زَعَمَ ابنُ جُدْعَانَ بنِ عَمْ ... رٍو أَنَّني يَوْماً مُدابِرْ .
ومُسَافِرٌ سَفَراً بَعِي ... داً لا يَؤُوبُ له مُسَافِرْ