والدَّبْرَةُ : نَقِيضُ الدَّوْلِة فالدَّوْلةُ في الخَيْر والدَّبْرَة في الشَّرّ . يقال : جَعَل اللهُ عليك الدَّبْرَة . قاله الأَصمَعِيّ . قال ابنٌ سِيدَه : وهذا أَحْسَنُ ما رأَيْتُه في شَرْح الدَّبْرَةِ وقيل : الدَّبْرَةُ : العَاقِبَةُ ومنه قَولُ أبَيِ جهل : لابْنِ مَسْعودٍ وهو صَرِيعٌ جَريحٌ لِمَنِ الدَّبْرةُ ؟ فقال لِلّه ولرسُولِه يا عَدُوَّ الله . ويقال : جَعَلَ اللهُ عليهم الدَّبْرةَ أَي الهَزِيمة في القِتَالِ وهو اسْمٌ من الإِدْبَار ويُحَرَّك كما في الصّحاح وذَكَرَه أَهْلُ الغَرِيب . وعن أَبي حَنِيفةَ : الدَّبْرَةُ : البُقْعَةُ من الأَرْض تُزْرَعُ والجَمْع دِبَارٌ . ومن المَجَاز : الدِّبْرَة : بالكَسْرِ خِلاَفُ القِبْلَةِ . ويقال : مالَهُ قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ أَي لَمْ يَهْتَدِ لجِهَةِ أَمْرِهِ . وقَوْلُهم : فُلانٌ مَا يَدْرِي قِبَالَ الأَمر من دبِارِه أَي أوَّلَه من آخِرِه . ليس لِهذا الأَمرِ قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ إِذَا لم يُعْرَف وَجْهُه . والدَّبَرَة : بالتَّحْرِيكِ : قَرْحَةُ الدَّابَّةِ والبَعِيرِ ج دَبَرٌ مُحَرَّكةً وأَدْبَارٌ مثل شَجَرة وشَجَر وأَشْجَار . وفي حديث ابْنِ عَبّاس " كانُوا يَقولون في الجاهليّة : إِذَا بَرَأَ الدَّبَر وَعَفَا الأَثَر " . وفسّروه بالجُرْح الذي يكون في ظَهْر الدّابّة . وقيل : هو أَن يَقْرَح خُفُّ البَعِير وقد دَبِرَ البَعِيرُ كفَرِحَ يَدَْر دَبَراً وأَدْبَرَ واقتصر أَئِمَّة الغَرِيب الأَوَّل فهو أَي البَعِيرُ دَبِرٌ ككَتِف وأَدْبَرُ والأُنثَى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ وإبِلٌ دَبْرَى . وفي المَثَل : " هَاَن عَلَى الأَمْلَسِ ما لَاقَى الدَّبِرُ " ذَكَرَه أَهلُ الأَمْثَال في كُتُبِهم وقالوا : يُضْرَبُ في سُوءِ اهْتِمَامِ الرَّجُلِ بِصَاحِبِه وهكذا فَسَّرَه شُرَّاحُ المَقَامَات . وأَدْبَرَهُ الحِمْلُ والقَتَبُ فدَبِرَ . ودَبَرَ الرَّجلُ دَبْراً : وَلَّى كأَدْبَرَ إدْبَاراً ودُبْراً وهذا عن كُرَاع . قال أَبو مَنْصُور : والصَّحيح أَن الإدْبارَ المَصْدَرُ والدُّبْر الاسْمُ . وأَدْبَرَ أَمرُ القَوْمِ وَلَّى لِفَسَادٍ وقَوْلُ الله تعالى : " ثُمَّ وَلَّيْتُم مُدْبِرِين " هذا حالٌ مُؤَكّدة لأنه قد عُلِم أَن مع كُلِّ تَوْلِيَة إِدباراً فقال : مُدْبِرِين مُؤَكّداً . وقال الفَرّاءُ : دَبَرَ النَّهَارُ وأَدْبَرَ لُغَتانِ وكذلك قَبَلَ وأَقْبَلَ فإِذا قالوا : أَقْبَلَ الرَّاكبُ أَو أَدْبَرَ لم يقولوا إلاّ بالأَلف . قال ابنٌ سِيدَه : وإِنَّهُمَا عندي في المعَنى لَواحِدٌ لا أُبْعِدُ أَن يَأْتِيَ في الرِّجَال ما أَتَى في الأَزْمِنَة . وقرأَ ابن عَبَّاس ومُجَاهِدٌ " واللَّيْلِ إذْ أَدْبَرَ " مَعْنَاه وَلَّى ليَذْهَب . ودَبَر بالشَّيْءِ : ذَهَبَ بِهِ . ودَبَر الرَّجُلُ : شَيَّخَ وفي الأَساس شَاخَ وهو مَجَاز وقيل ومنه قَوْلُه تعالى : " واللَّيْلِ إِذ أَدْبَر " . ودَبَرَ الحَدِيث عن فُلانٍ : حَدَّثَه عَنْه بَعْدَ مَوْتِهِ وهو يَدْبُر حَدِيثَ فُلانٍ أَي يَرْوِيه . ورَوَى الأَزْهَرِيّ بسَنَده إلى سَلاَّم بنِ مِسْكين قال : سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحدِّث عن فلانٍ يَروِيه عن أَبي الدَّرْدَاءِ يَدْبُرُه عن رسول الله A قال : " ما شَرَقَتْ شَمْسٌ قطُّ إلاّ بجَنْبِهَا مَلَكَانِ يُنادِيَان إنهما يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقلَيْن الجِنِّ والإِنْس : أَلاَ هَلُمُّوا إلى رَبّكم فإِنَّ ما قَلَّ وكَفَي خَيْرٌ مما كَثُروا وأَلْهَى الّلهُمَّ عَجِّل لمُنْفِقٍ خَلَفاً وعَجِّل لمُمْسِك تَلَفاً " . قال شَمِرٌ : ودبَرَتْ الحَدِيث غيْرُ مَعروف وإِنما هو يُذْبُره بالذّال المُعْجَمَة أَي يُتْقِنه قال الأَزْهَرِيّ : وأَما أَبو عُبَيْد فإِن أَصحابَه رَوَوْا عنه : يَدْبُرُه كما تَرَى