أَدْبَر إِذَا تَغَافَلَ عَنْ حاجَةِ صَدِيقِه كأَنَّه وَلَّى عنه . وأَدْبَرَ إِذَا دَبِرَ بَعِيرُهُ كما يقولون أَنْقَبُ إِذَا حَفِىَ خُفُّ بَعِيرِه وقد جُمِعَا في حَدِيث عُمَر قال لامرأَة : " أَدْبَرْتِ وأَنْقَبْتِ " أَي دَبِرَ بَعِيرُك وحَفِي وفي حَدِيث قَيْسِ بنِ عاصمِ إنّي لأُفْقِرُ " البَكْرَ الضَّرَعَ والنّابَ المُدِبرَ " قالوا : التَّي أَدْبَرَ خَيْرُهَا . أَدَبَر الرجُلُ : صَارَ له دَبْر أَي مَالٌ كَثِيرٌ . عن ابنِ الأَعرابيِّ : أَْدَبَر إِذَا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذُنِ النَّاقَةِ إِذَا نُحِرَت إلى ناحِيَة القَفَا وأَقْبَلَ إِذَا صارتْ هذه الفَتْلَةُ إلى ناحِيَةِ الوَجْهِ . من المَجاز : شَرُّ الرَّأْي الدَّبَرِيّ وهو مُحرّكةً : رَأْيٌ يَسْنَحُ أَخِيراً عنْد فَوْتِ الحَاجَةِ أَي شَرُّه إِذَا أَدْبَر الَأمرُ وفَاتَ . وقيل : الرَّأيُ الدَّبَرِيّ : الذي يُمْعَنُ النَّظَرُ فيه وكذلك الجَوَابُ الدَّبَرِيّ . من المَجاز : الدَّبرِيّ : الصّلاةُ في آخِرِ وَقْتِها . قلت : الّذي وَرَدَ في الحَدِيث : " لا يَأْتِي الصَّلاةَ إلاَّ دَبَرِيّاً " . وفي حَدِيثٍ آخَرَ : " لا يَأْتِي الصَّلاةَ إلا دَبُرْاً " يَروَى بالضَّمّ وبالفَتْح . قالوا : يقال : جاءَ فُلانٌ دَبَرِيّاً أَي أَخيراً وفُلانُ يُصَلِّي إلاَّ دَبَرِياً بالفَتْح أَي في آخِر وَقْتها وفي المحكم : أَي أخيراً رَواه أَبوعُبَيدٍ عن الأَصمَعِيّ . وتُسَكَّنُ الباءُ رُوِىَ ذِلك عن أَبي الهَيْثَم وهو مَنْصُوب على الظَّرف . ولا تَقُلْ دُبُرِياً بِضَمَّتَيْن فإنَّه مِنْ لَحْنِ المُحَدِّثِين كما في الصّحاح . وقال ابنُ الأَثِير : هو منسوبٌ إلى الدَّبْرِ آخِرِ الشْيءِ وفَتْح الباءِ من تَغْييرات النَّسب ونَصْبُه على الحَالِ من فاعلِ يَأْتِي . وعِبارة المُصَنِّف لا تَخْلو عن قَلاقَهٍ . وقَولُ المُحَدِّثين : دُبُرِيّاً أَن صَحَّت رِوِايَتُه بسَمَاعِهم من الثِّقات فلا لَحْنَ وأَمّا مِن حَيْثُ اللُّغَة فصَحِيحٌ كما عَرَفْت وفي حَدِيثٍ آخرَ مَرْفُوعٍ أَنه قال : " ثَلاثَةٌ لا يَقْبَل اللهُ لهُم صَلاَةً : رَجُلٌ أَتَى الصَّلاةَ دِبَاراً ورَجلٌ اعتَبَدَ مُحَرَّراً ورُجلٌ أَمَّ قَوماً هم له كارهون " قال الإِفْرِيقيّ راوِي هذا الحَدِيث : معنَى قوله : دِبَاراً أَي بعدَ ما يَفُوت الوَقْتُ .
وفي حديثِ أَبي هُرَيْرَة : " أَن النبِيَّ A قال : أَن للمُنافقِين عَلاماتٍ يُعْرَفُون بها تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ وطَعَامُهم نُهْبَةُ لا يَقْرَبُون المساجدَ إلاَّ هَجْراً ولا يَأْتُون الصلاةَ إلا دَبْراً مُسْتَكْبِرِين لا يَأْلَفون ولاَ يُؤْلَفُون خُشُبٌ باللَّيْل صُخُب بالنَّهَار " قال : ابن الأَعرابيِّ : قوله : " دبِاراً " في الحَدِيث الأَوّل جمع دَبْرٍ ودَبَرٍ وهو آخِر أَوقاتِ الشَّيْءِ : الصّلاِة وغَيْرِهَا . والدَّاِبرُ يقال للمُتَأَخِّرِ والتّابِع إمَّا باعْتِبَار المَكَانِ أَو بِاعْتِبَارِ الزّمَان أَو باعْتِبَار المَرْتَبَة . يقال : دَبَرَه يَدْبُره ويَدْبِره دُبُوراً إِذَا اتَّبَعه مِنْ ورائِه وتَلاَ دُبُرَه وجاءَ يَدْبُرهُم أَي يَتْبَعُهم وهو من ذلك . الدّابِر : آخِرُ كُلِّ شَيْءٍ قاله ابن بُزُرْج وبه فسُرِّ قولُهُم : قَطَع اللهُ دابِرَهم أَي آخِرَ مَنْ بَقِىَ منهم وفي الكتاب العَزِيز : " فقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الذَّيِنَ ظَلَمُوا " أَي اسُتؤصِلِ آخِرُهم وقال تَعَالى في مَوضع آخَرَ " وقضَيَنْاَ إلَيْه ذلِك الأمْرَ أَن دَابِرَ هؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِين " وفي حَدِيث الدّعَاءِ " وابْعَث عَلَْهم بأْساً تَقْطَع به دَابِرَهم أَي جَمِيعَهم حتَّى لا يَبْقَى منهم أحَدٌَ . قال الأَصمَعِيّ وغيره : الأَصْلُ . ومَعْنَى قَوْلهم : قَطَع اللهُ داِبرَه أَي أَذْهَبَ اللهُ أَصْلَه وأَنشد لوَعْلَةَ : .
فِدًى لَكْمَا رِجْلَيّ أُمِّي وخَالَتِي ... غَداةَ الكُلاَبِ إذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ