وهذا المثل على ما ذكره شرَّاحُ الفصيحِ فيه روايتانِ وتَتَولَّدُ منهما رواياتٌ أخَرُ كما سيأتي بيانها إحداهُما : تَسْمَعُ بضم العين وحذف أَنْ وهو الأَشْهَرُ قاله أبو عُبَيْدٍ ومثله قول جميلٍ : .
جَزِعْتُ حِذارَ البَيْنِ يومَ تَحَمَّلُوا ... وحَقَّ لمِثْلِي يا بُثَيْنَةُ يَجْزَعُ أراد : أَن يَجْزَعَ فلما حَذف أن ارتفع الفِعْلُ وإن كانت محذوفةً من اللفظِ فهي مُرادةٌ حتى كأنها لم تحذفْ . ويدلّ على ذلك رفعُ تَسْمَعُ بالابتداءِ على إِرادة أَنْ . ولولا تقديرُ أَن لم يَجُزْ رفعُه بالابتداءِ . ورُوِيَ بنصْبِها على إِضْمارِ أَن وهو شاذٌّ يُقتَصر على ما سُمعَ منه نحو هذا المَثَلِ ونحو قولِهم . خُذ اللِّصَّ قبل يأْخُذك بالنصب ونحو " أَفَغَيْرَ الله تَأْمُرونيِّ أَعْبُد " بالنصب في قراءَةٍ . قال شيخُنا : وكونُ النصبِ بعد أَن محذوفةً مقصوراً على السَّماع صَرَّح به ابنُ مالكٍ في مواضِعَ من مصنَّفاتِه والجوازُ مَذهبُ الكوفيّين ومن وافَقَهُم بالمُعَيْدِيِّ قال الميدانيُّ وجماعةٌ : دخلتْ فيه الباءُ لأنه على معنى تُحدَّث به وأَشار الشِّهاب الخَفاجيُّ وغيرُه إلى أنه غيرُ مُحْتَاجٍ للتأْويلِ وأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ كذلك . وسَمِعْت بكذا من الأَمرِ المشهورِ . قال شيخُنا وهو كذلك كما تَدلُّ له عباراتُ الجُمْهورِ خَيْرٌ خَبَرُ تَسْمَع . والتقديرُ أَن تَسمعَ أو سماعُكَ بالمُعَيْدِيِّ أَعظم من أَن تراهُ أَي خَبَرُهُ أَعظمُ من رُؤْيتهِ . قال أبو جَعْفَرٍ الفهريُّ : وليس فيه إِسنادٌ إلى الفِعْلِ الذي هو تَسْمع كما ظَنَّه بعضُهم . وقال : قد جاءَ الإِسنادُ إلى الفِعْل . واستَدلَّ على ذلك بهذا المَثَلِ . وبقوله تبارَكَ وتعالى " ومن آياتِهِ يُرِيكُم البَرْقَ ؟ " وقول الشاعر : .
" وحَقَّ لِمِثْلي بابُثَيْنَةُ يَجْزَعُ