قال الأزهري : وهذا الذي ذكره الرادُّ على الكسائيّ هو المعروفُ في اللغة . قال : وَيَتَّجِه عندي قول الكسائيِّ على مَذهبِ من يَرى أن قولهم : مُشَيَّدة : مُجَصَّصة بالشِّيد فيكون مُشَيَّدٌ وَمِشيدٌ بمعنىُ إلاَّ أَنَّ مَشِيداً لا تَدخلُه الهاءُ للجماعةِ فيقالَ قُصُورُ مَشِيدةٌ وإنما يقال : قُصورٌ مُشَيَّدَةٌ فيكون من باب ما يُسْتَغْنَى فيه عن اللفظة بغيرِها كاستغنائِهم بتَرَك عن وَدَعَ وكاستغنائهم عن واحِدِة المَخَاضِ بقولهم : خَلِفَة فعلى هذا يَتَّجِهُ قول الكسائي .
قال الفراءُ : يشدَّد ما كان في جَمعٍ مثل قولك : مررت بثيابٍ مُصَبَّغة وكِباش مُذَبَّحةٍ فجاز التشديد لأن الفعل مُتَفَرِّقٌ في جَمْعٍ فإذا أفردت الواحدَ من ذلك فن كان الفعل يتردد في الواحدِ ويكثر جاز في التشديدُ والتخفيفُ مثل قولك : مررت برجل مشجَّجٍ وبثَوبٍ مُخَرَّقٍ وجاز التشديدُ لأن الفعل قد تردد فيه وكثُرَ ويقال مَررْت بكبش مَذْبُوحٍ ولا تقل : مُذَبَّح . فإن الذَّبْح لا يتردَّدُ كتَرَدُّد التَّخَرُّقِ . وقوله : وقَصْر مَشِيد يجوز فيه التشديدُ لأن التَّشْيِيد بِناءٌ والبناءُ يتطاولُ ويترَدَّدُ . ويقاس على هذا ما ورد . كذا في اللسان .
ومن المجاز : الإِشادةُ : رَفْعُ الصَّوتِ بما يَكْرَهُ صاحبُه وهو شِبْه التَّنْديد ؛ كما قاله اللَّيثُ . ويقال : أَشادَ بذكره في الخَيْر والشّرّ والمدْح والذّمّ إِذا شَهَّره ورَفَعه . وأَفردَ به الجوهريُّ الخَيْرَ فقال : أَشادَ بِذِكْرِه أَي رَفَعَ من قَدْرِه . وفي الحديث : مَن أَشَادَ على مُسْلِمٍ عَوْرَةً يَشِينُه بها بغَيْرِ حقٍّ شانَهُ الله يوم القيامة . ويقال : أَشادَه وأَشَادَ بهِ إذا أَشاعَه ورفع ذِكره من أَشَدْتُ البُنْيَانَ فهو مُشَادٌ وشَيَّدْته إذا طَوَّلْته فاستُعِير لرفْع صَوتِكَ بما يَكْرَهُه صاحِبُك .
ومن المجاز أيضاً : الإشادة : تَعْرِيفُ الضَّالَّةِ يقال : أَشادَ بالضَّالَّةِ : عَرَّفَ . وأَشَدْتُ بها عَرَّفْتُهَا وأَشَدت بالشَّيءِ : عَرَّفْتُه . وقال الأَصمعيُّ كُلُّ شيء رفَعْتَ به صَوْتَك فقد أَشَدْتَ به ضالةً كانت أو غير ذلك . والإِشادة الإِهلاكُ وهو مَجاز مستعارٌ من التَّنْدِيدِ على المُبَالغة . والشِّيادُ بالكسر الدُّعاءُ بالإِبلِ وهو رَفْعُ الصَّوْت بهِ مأْخوذٌ من كلام الأصمعي . والشِّيَادُ : دَلْكُ الطِّيبِ بالجِلْدِ كالتَّشَيُّد وفي بعض النُّسخ : كالتَّشْيِيد . وشاد الرَّجلُ يَشِيد شَيْداً إذا هلكَ نقله الصاغاني .
فصل الصاد المهملة مع الدال .
ص - خ - د .
صَخَدَتْه الشَّمْسُ كنَفَع تَصْخَدُه صَخْداً : أَصابته وأَحرقَتْه أَو حَمِيَتْ عليه . والصَّخْد : صَوْتُ الهَامِ ولاصُّرَدِ وقد صَخَدَ الهامُ والصُّرَدُ يَصْخَد صَخْداً وصَخِيداً : صَوَّتَ وصاحَ . وهامٌ صَواخِدُ وأنشد : .
" وصاحَ مِنَ الإِفراطِ هَامُ صَواخِدُه وصَخَدَ فُلانٌ إليه يَصْخَدُ صُخُوداً كقُعودٍ : استَمَعَ منه ومال إليه فهو صاخِدٌ قاله الهُذَليُّ : .
هَلاَّ عَلِمْتَ أَبا إِياسٍ مَشْهَدى ... أَيَّأمَ أَنتَ إلى المَوالِي تَصْخَدُ وصَخِدَ النَّهَأرُ كفَرحَ صَخَداً فهو صاخِدٌ : اشتَدَّ حَرُّهُ وحَرٌّ صاخِدٌ : شَدِيدٌ . وكذلك صَخَدَ يومُنا يَصْخَد صَخَدَاناً . ويومٌ صَيْخُودٌ على فَيْعُول وصَيْخَدٌ وصَخْدَانٌ بفتح فسكون ويُحَرَّك عن ثَعْلب : شدِيدُ الحَرِّ ولَيْلة صَخْدَانَةٌ . ويقال : أَتيتُه في صَخَدَانِ الحَرِّ أَي في شِدَّتِه . والصاخِدةُ : الهاجِرةُ وهاجرةٌ صَيْخُودٌ . مُتَّقِده . ومن سَجَعَات الأَساس : رَماني الحَرُّ بِصَيَاخِيدِه والبَرْدُ بصَنادِيدِه . وصَخْرَةٌ صَيْخُودٌ وصَيْخادٌ الأَخيرة عن الصاغانيِّ : صَمَّاءُ راسِيةٌ شَدِيدةٌ وفي الأَساس : صَخْرَةٌ صَيْخُودٌ : لا تَعْمَلُ فيها المَعَأوِلُ . وفي اللسان : الصَّيْخُود : الصَّخْرة المَلْسَاءُ الصُّلْبَةُ لا تحرَّكُ من مكانِهَا ولا يَعْمَل فيها الحديدُ وأنشد : .
" حَمْرَاءُ مِثلُ الصَّخْرَة الصَّيْخُودِ وهي الصَّلُود . والصَّيْخُود أيضاً : الصَّخْرَةُ العَظِيمةُ التي لا يَرْفَعُها شيءٌ ولا يأْخُذُ فيها مِنْقَأرٌ ولا شْيءٌ قال ذو الرُّمّة :