وقد ألف فيه الإمام أَبو منصور الجَواليقي وغيره . ثمَّ ذكر الجلال فائدة نصها : سُئل بعض العلماء عما عرّبته العرب من اللغات واستعملته في كلامها : هل يُعطي حُكْمَ كلامِها فيشتق ويشتق منه ؟ فأجاب بما نصه : ما عرَّبته العرب من اللغات واستعملته في كلامها من فارسيّ وروميّ وحبشيّ وغيره وأدخلته في كلامها على ضربين . أحدهما أسماء الأجناس كالفرِند والإبْرَيْسَم واللّجام والآجُر والباذِقِ والقِسْطاس والإستبرق . والثاني ما كانَ في تلك اللغات علَماً فأجروه على عَلمِيّته كما كانَ لكنهم غيَّروا لفظه وقرَّبوه من ألفاظهم وربما ألحقوه بأبْنِيَتِهم وربما لم يُلْحِقوه ويشاركه الضَّرْبُ الأوّل في هذا الحكم لا في العلمية إِلاَّ أنه يُنْقَل كما يُنقل العربيّ وهذا الثاني هو المعتَدّ بعجمته في منع الصرف بخلاف الأول وذلك كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وجميع الأنبياء إِلاَّ ما استُثْنِيَ منها من العربيّ كهودٍ وصالحٍ ومحمد صلّى الله عليه وسلّم وغير الأنبياء كَبيروز وتكين ورُسْتم وهُرْمز وكأسماء البلدان التي هي غير عربية كإصْطَخر ومرْوُ وبَلْخ وسَمَرْقَنْد وقنْدهار وخُراسان وكِرْمان وكوركان وغير ذلك . فما كانَ من الضرب الأول فأشرف أحواله أن يُجري عليه حُكْمُ العربيّ فلا يُتَجاوزُ به حُكمُه . فقول السائل : يشتقُّ . جوابُه المنْعُ لأنه لا يخلو أن يُشتقّ من لفظٍ عربيٍّ أو عجميّ مثله ومحال أن يُشتَقَّ العجميّ من العربيّ أو العربيّ منه لأن اللغات لا تُشتقّ الواحدة منها من الأخرى مُواضَعةً كانت في الأصل أو إلهاماً وإنما يشتق في اللغة الواحدة بعضها من بعض لأن الاشتقاق نِتاجٌ وتَوليد ومحال أن تَلِد المرأة إِلاَّ إنساناً وقد قال أَبو بكر محمد بن السريّ في رسالته في الاشتقاق وهي أهم ما وضع في هذا الفنّ من علوم اللسان : ومن اشتق العجمي المعرّب من العربي كانَ كمن ادّعى أن الطير من الحوت . وقول السائل : ويشتق منه . فقد لَعَمْرِي يُجْرى على هذا الضرب المُجْرى مُجْرى العربي كثيرٌ من الأحكام الجارية على العربي من تصرّف فيه واشتقاق منه ثمَّ أورد أمثلة كاللجام وأنه معرب من لغام وقد جُمع على لُجُم ككُتب وصُغِّر على لُجيم وأتى للفعل منه بمصدر وهو الإلجام وقد ألجمه فهو مُلْجَم وغير ذلك ثمَّ قال : وجملة الجواب أن الأعجمية لا تشتق أَي لا يحكم عليها أنها مشتقة وإن اشتق من لفظها فإذا وافق لفظٌ أعجميٌّ لفظاً عربيًّا في حروفه فلا تَرَيَنَّ أحدَها مأخوذاً من الآخر كإسحاق ويعقوب فليسا من لفظ أسحقه الله إسحاقاً أَي أبعده ولا من اليعْقوب اسم الطائر وكذا سائر ما وقع في الأعجمي موافقاً لفظَ العربيّ انتهى .
وأما المولد .
فهو ما أحدثه المولدون الذين لا يحتجّ بألفاظهم والفرق بينه وبين المَصنوع أن المصنوع يوردُه صاحبه على أنه عربي فصيح وهذا بخلافه وفي مختصر العين للزُّبيدي أن المولد من الكلام : المُحْدَث وفي ديوان الأدب للفارابي : يقال : هذه عربية وهذه مولدة كذا في المزهر وستأتي أمثلته إن شاء الله تعالى .
المقصد السابع .
في معرفة آداب اللغويّ