وليس لليل صُلْب ولا أرداف . وأما المشتركُ . فهو اللفظُ الواحد الدالُّ على معنَيَيْن مختلفين فأكثر دلالةً على السَّواءِ عند أهلِ تلك اللغة واختلف الناسُ فيه فالأكثرون على أنه مُمكِنُ الوقوعِ لجواز أن يقع إمَّا من واضعين بأن يضع أحدهما لفظاً لمعنى ثمَّ يضعه الآخر لمعنى آخر ويشتهر ذلك اللفظ ما بين الطائفتين في إفادة المعنيين وهذا على أن اللغات غير تَوقيفية وإما من واضع واحد لغرض الإبهام على السامع حيث يكون التصريح سبباً لمضرّة كما روى عن أبي بكرٍ الصدّيقِ Bه وقد سأله رجل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وقت ذهابهما إلى الغار : من هذا ؟ قال : هذا رجلٌ يهْديني السبيل . والأكثرون أيضاً على أنه واقع لنقل أهل اللغة ذلك في كثير من الألفاظ ومن الناس من أوجب وقوعه قال : لأن المعاني غير متناهية والألفاظ متناهية فإذا وزع لزم الاشتراك وذهب بعضهم إلى أن الاشتراك أغلب كذا في المزهر ومن أمثلة المشترك الرؤية والعين والهلال والخال وسيأتي بيان ذلك كله في مواضعه .
وأما الأضداد .
فنقل السيوطي عن المبرد في كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه : في كلام العرب اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين واختلاف اللفظين والمعنى واحد واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين . فالأوّل كقولك : ذهب وجاءَ وقام وقعد ورجل وفرس ويد ورجل . وأما الثاني فكقولك : حسبت وظننت وقعدت وجلست وذراع وساعد وأنف ومرسن . وأما الثالث فكقولك وجدت شيئاً إذا أردت وجدان الضالَّة ووجدت على الرجل من الموْجِدَة ووجدت زيداً كريماً أَي علمت ومنه ما يقع على شيئين متضادِّين كقولهم جلَلٌ للصغير وللكبير والجوْن للأسود والأبيض . قلت : ومثله كلام ابن فارس في فقه اللغة وبسطه أبو الطيب اللغوي في كتاب الأضداد .
وأما المترادف .
فقال الإمام فخر الدين الرازي : هو الألفاظ المفردة الدالَّة على شيء واحد باعتبارٍ واحد والفرق بينه وبين التوكيد أن أحد المترادفين يفيد ما أفاده الآخر كالإنسان والبشر وفي التوكيد يفيد الثاني تقويةَ الأوَّل والفرق بينه وبين التابع أن التابع وحده لا يفيد شيئاً كقولنا عطْشان نَطشان . قال التاج السبكي في شرح المنهاج : وذهب بعض الناس إلى إنكار المترادف في اللغة العربية وزعم أن كل ما يُظَنُّ من المترادفات فهو من المتباينات التي تتباين بالصفات كما في الإنسان والبشر فإن الأول موضوع له باعتبار النسيان أو الإنس والثاني باعتبار أنه بادي البَشَرة وكذا الخَنْدَريس والعُقار فإن الأول باعتبار العتق والثاني باعتبار عقْرِ الدنّ لشدّة ما فيها قال : واختاره ابن فارس في كتابه الذي ألفه في فقه اللغة العربية . ونقل الجلال عن الكَيّا في تعليقه في الأصول : الألفاظ التي لمعنى واحد تنقسم إلى ألفاظ مترادفة وألفاظ متواردة . فالمترادفة كما يُسمَّى الخمْر عُقاراً وصَهْباء وقهوة والسبع لَيْثاً وأسداً وضِرْغاماً . والمتواردة هي التي يقام لفظٌ مُقام لفظٍ لمعان متقاربةٍ يجمعها معنى واحد كما يقال : أصلَح الفاسد ولَمَّ الشَّعَث ورتَقَ الفَتْقَ وشَعب الصَّدْعَ انتهى .
قال : وهذا تقسيم غريب وقد ألَّف فيه القاضي مجد الدين الشيرازي كتاباً وسماه الرَّوْضُ المسلوف فيما له اسمان إلى الألوف .
وأما المعرّب .
فهو ما استعملته العرب من الألفاظ الموضوعة لمعانٍ في غير لغتها قال الجوهري في الصحاح : تعريب الاسم الأعجمي أن تتفوّه به العربُ على مِنْهاجِها تقول : عرّبته العرب وأعْربته وقال أبو عبيد القاسم بن سلام وأما لُغات العجم في القرآن فرُوي عن ابن عباسٍ وعطاء ومُجاهدٍ وعِكْرمة أنهم قالوا في أحرف كثيرة إنها بلغات العجم وقال أهل العربية : إن القرآن ليس فيه من كلام العجم شيء لقوله تعالى " قُرْآناً عربيًّا " وقوله " بِلِسانٍ عربيًّ مُبينٍ " : قال أبو عبيد والصواب عندي مذهبٌ فيه تصديق القولين جميعاً وذلك أن هذه الحروف أُصولها أعجمية كما قال الفقهاء إِلاَّ أنها سقطت إلى العرب فأعربتها بألسنتها وحوّلتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها ثمَّ نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب فمن قال إنها عربية فهو صادق ومن قال عَجَميّة فهو صادق اه